العقد، وقد مر هناك أن الايجاب والقبول إذا لم يردا على مورد واحد من حيث المبيع والثمن ومن حيث البايع والمشتري لم يتحقق معاقدة، بل كان هناك ايقاعان ابتدائيان غير مرتبطين.
فلو عقد الموجب لشخص القابل والقابل قبله عن غيره لم يتحقق بينهما عقد، لعدم ورود الالتزام الثاني على ما ورد عليه الالتزام الأول بالملكية لشخص المخاطب، والثاني التزام من قبل غيره، وليس هذا مطاوعة ذلك الالتزام، بل لو كان البيع معاوضة حقيقية أيضا لما كان الالتزامان مجديين أيضا، إذ العقد على المبادلة بين العوضين لازم، ولا عقد من دون ارتباط أحد الالتزامين بالآخر.
بل الكلام هنا - كما يدل عليه الاستدلال بظاهر الكلام - في أن التعيين المستفاد من ظاهر الكلام الموجه إلى شخص المخاطب هل هو متبع، فليس للمخاطب أن يقبله عن غيره، أو لا ظهور له في التعيين ذاتا أو لقرينة نوعية صارفة عن ظهوره الذاتي.
والحق ظهوره الذاتي، لكنه في البيوع وأشباهها قرينة نوعية على أن الغرض متعلق بمحض المبادلة بين العوضين، ووصول كل منهما إلى عوض ماله، وعليه فالغرض النوعي المعلوم كاشف عن طور القصد العقدي، فلا يبقى ظهوره الذاتي على حاله.
بخلاف باب النكاح والوصايا والأوقاف، فإن الأشخاص هناك بمنزلة العوضين في البيع مما يتفاوت بتفاوته الرغبات، فلا صارف للظهور الذاتي، بل لو كان الظهور الذاتي في الأعم لكان ما ذكرنا من تفاوت الرغبات فيها صارفا عن ظهوره الذاتي.
- قوله (قدس سره): (في دعوى كونه غير أصيل فتأمل... الخ) (1).
ربما يقال: بأنه إشارة إلى أن الغالب في مثل ما ذكر من قصد المخاطب بالعنوان الأعم، فظهور إرادة الخصوصية يكون ملغى، ومع ذلك فلا وجه لمراعاته في مقام التنازع.
ويمكن أن يقال: ليس منافاة الدعوى لظهور كلام البايع لخصوص المخاطب، حتى يقال بأنه خلاف ما بنى (رضي الله عنه) عليه، بل منافاة الدعوى لظهور قبول المشتري في قبوله عن نفسه لا عن غيره، والقرينة النوعية الصارفة للظهور أجنبية عن هذا الظهور.