فإن قلت: إذا بنى على كون الغير مالكا، ونزله منزلة نفسه في المالكية توجه منه القصد إلى المعاوضة الحقيقية من قبل الغير، كما بنى على ذلك في عكس المثال المزبور، فيما إذا باع الغاصب مال غيره (1) لنفسه، فإنه (قدس سره) صرح بصحة قصده إلى المعاوضة الحقيقية بسبب البناء والتنزيل المزبورين في ذلك المبحث.
قلت: فرق بين ما نحن فيه والمثال الآتي في ذلك المبحث، فإن التنزيل هناك ليتوجه القصد إلى المعاوضة ممن هو غير مالك، فبعد البناء على كونه مالكا ادعاء يمكنه قصد عنوان المعاوضة لنفسه بما هو مالك ادعاء، وأما فيما نحن فيه فهو مالك حقيقي فقط، والمفروض عدم قصد المعاوضة عن نفسه، ومن هو مالك ادعائي وهو الغير لا قصد منه إلى المعاوضة، والمفروض تنزيل الغير منزلة نفسه، فليس عنوان المالك الادعائي عنوان نفسه، حتى يقال: إنه بما هو مالك حقيقي لم يقصد المعاوضة، بل بما هو مالك ادعائي قصد المعاوضة.
لا يقال: بعد البناء على مالكية الغير يكون كالفضولي من قبله، فهو قاصد للتمليك من قبل المالك الادعائي، لا بما هو مالك حقيقي، ولا بما هو مالك ادعائي، بل بما هو فضولي عن قبل المالك الادعائي.
لأنا نقول: لا تنفذ المعاوضة الحقيقية إلا إذا كانت بين المالكين الحقيقيين، ولذا لا تنفذ في بيع الغاصب لنفسه إلا بإجازة المالك الحقيقي، المحققة للانتساب إليه، والمفروض هنا أن المالك الحقيقي هنا لم يقصد المعاوضة من قبل نفسه، بل من قبل المالك الادعائي الذي لا عبرة بوقوع المعاوضة منه ولو بإجازته، والمفروض أيضا عدم الإجازة من المالك الحقيقي بعد العقد، ولعله لأجل هذا حكم المصنف (قدس سره) ببطلان المعاملة بعد فرض التنزيل، مستدلا بأنه لا معاوضة حقيقية مع المالك الحقيقي.
والتحقيق: أن التنزيل والادعاء ليس إلا لتوجه القصد إلى المعاوضة الحقيقية بين من هو مالك حقيقة ومن ليس بمالك، وذلك لا يكون إلا بايقاع المعاوضة بين المالكين واقعا بضميمة ادعاء أنه أو الغير مالك، وبهذا الاعتبار صحت إجازة المالك الحقيقي، ووقوع المعاوضة عنه، وهنا حيث إن المباشر للعقد هو المالك الحقيقي فلا حاجة إلى الإجازة،