الأصيل والفضول، فيكون اشتراء فضوليا لعمرو، وإما بتنزيل المخاطب منزلة عمرو في المالكية للثمن، وبعد هذا التنزيل يتوجه منه قصد المعاوضة، وانتقال الثمن ونفوذ العقد على أي حال يتوقف على إجازة عمرو.
وأما مع قطع النظر عن الأمرين فقصد المعاوضة الحقيقية منه مع المخاطب - بما هو - غير معقول، لأن إرادة المحال جدا مستحيلة، فلا معاوضة مع المخاطب لاستحالتها، ولا مع عمرو لأن المفروض عدم تمليكه، بل تمليك المخاطب.
وبالجملة: قصد المعاوضة الحقيقية بهذا التمليك الخاص قصد أمر محال، وقصد المعاوضة مع المخاطب وقصد المعاوضة مع عمرو قصدان متنافيان، لتنافي المقصودين، فيستحيل تحقق المتنافيين، لا أنهما يتحققان ولعدم امكان تأثيرهما معا وعدم الترجيح لأحدهما يلغو القصدان كما هو ظاهر اللغوية.
نعم يمكن أن يقصد المعاوضة أولا مع المخاطب، ثم قبل تمامية الايجاب يبدو له المعاوضة مع عمرو، كما يدل عليه جعل الثمن من ماله، فيكون القصد الثاني هادما للأول بعد وجوده، فيسقط عن التأثير بعد وجوده، وهو معنى اللغوية، فيتمحض في الفضولية لعمرو، فالقابل للغوية بمعناها هو القصد الأول لا الثاني.
- قوله (قدس سره): (وأما ما ذكره من مثال من باع مال نفسه... الخ) (1).
قد عرفت (2) أن القصد إلى المعاوضة الحقيقية بهذا التمليك الخاص قصد أمر محال، فلا يتحقق من رأس لا أنه يلغو القصد إلى الخصوصية، وليس كالمثال المتقدم قابلا للفضولية، حتى يكون القصد الثاني هادما للقصد الأول، لأن الثاني لا يعقل تحققه بعنوان القصد إلى المعاوضة الحقيقية حتى يهدم القصد الأول، فإذا فرض قصد المعاوضة الحقيقية بقوله " بعت "، ثم بدا له أن يملك عن قبل زيد، كان قصده الثاني محالا، بل يصح القصد الأول إذا لم يرفع اليد عنه، وعليه ينبغي حمل كلامه (قدس سره)، وإلا فمع وحدة القصد وكون المقصود خاصا لا يعقل أصل توجه القصد إليه رأسا، ولا عقد بلا قصد.