تلف عنده، حتى يكون من تلف المال عنده أولى بالرعاية ممن لم يتلف عنده.
فيبقى الثالث وهو أن الباقين مكلفون بأداء ما اشتغلت به ذمة من تلف المال عنده بدلا عنه، فللمالك الرجوع على الأصيل وهو من تلف المال عنده، وعلى الفرع وهو من وجب عليه الأداء بدلا عنه، ومقتضى بدلية ما يؤديه المكلف عما اشتغلت به ذمة من تلف المال عنده أن يملك بأدائه ما في ذمته رعاية للبدلية، فهذه معاوضة قهرية كالمعاوضة الاختيارية، فسبب المعاوضة القهرية ما ذكرنا من انحصار الأمر في نحو الأداء المقتضي للبدلية، والتعاوض بين المؤدي ومن تلف المال عنده، هذا غاية ما يمكن في تقريب مرام صاحب الجواهر (1) (قدس سره).
إلا أن الانصاف أن ما فهمه من عدم تصور اشتغال ذمم متعددة بمال واحد معينا أو مخيرا صحيح، نعم تخصيص الوضع بمن تلف المال عنده محل إشكال، لأن استفادة التكليف بالنسبة إلى بعضهم، والوضع بالنسبة إلى بعض من قوله (عليه السلام) (على اليد)، وإن لم يوجب استعمال اللفظ في المعنيين - لما مر إلا (2) - أن محذوره موجود هنا، لأن قوله (عليه السلام) (على اليد) إما سيق للجعل تكليفا أو وضعا أو بجامع يجمعهما على الفرض، وليس هناك تعدد الجعل بعدد الأيدي، ليكون أحد الجعلين بعنوان التكليف والآخر بعنوان الوضع، بل جعل واحد مرتب على اليد، فينطبق على الواحد والمتعدد، والواحد لا يكون إلا بعنوان واحد بنحو الخصوص تكليفا أو وضعا أو بنحو الطبيعي الجامع للأمرين، فكل يد في الخارج إما محكومة بالتكليف أو بالوضع أو بما يجمعهما، فلا يعقل اختصاص إحدى الأيدي بأحد الأمرين، والأخرى بالآخر.
وأما استفادة الوضع من خصوص على اليد لخصوص من تلف عنده المال، واستفادة التكليف من دليل آخر لمن عداه أو للجميع فغير صحيحة أيضا، إذ الموضوع وهو اليد مشترك في الجميع، والتلف الذي هو شرط فعلية الضمان أيضا مفروض، ونسبته إلى الجميع على حد سواء من حيث عدم استناده إلى خصوص يد، فلا معنى لقصره على خصوص من تلف عنده المال، والاستحالة المزبورة تندفع بإرادة عهدة العين، فإن تعددها