تلاحظ مع غيره، فإن كانت المعاملة مع المالك وكان الإقدام مجانيا فلا خسارة لما مر (1)، فلا موقع للتغرير، وإن كان الإقدام معاوضيا فبالإضافة إلى المسمى، حيث تحقق الإقدام لا غرور، وبالإضافة إلى الزائد عن المسمى لا إقدام حتى ينافي الغرور، لكنه لا تغرير من وجه آخر، فإن مجرد علم المالك بالفساد لا يوجب الاسناد، وليس كغير المالك من حيث تغريره بظهور يده في المالكية، وإن كانت المعاملة مع غير المالك فإن كان الإقدام مجانيا فهو مغرور في تمام القيمة الواقعية المضمونة باليد، وإن كان الإقدام معاوضيا فهو مغرور في الزائد على ما أقدم عليه من المسمى.
- قوله (قدس سره): (فجريان قاعدة الغرور فيما نحن فيه أولى... الخ) (2).
وجه الأولوية بناء على استناد قاعدة الغرور إلى قاعدة الضرر واضح، إذ الضرر المتدارك بنفع إذا كان مضمونا فالضرر الغير المتدارك أولى بأن يكون مضمونا، وكذا إن كانت مستندة إلى إتلاف ما يؤديه المشتري، فإن الخسارة التي لها بدل إذا كانت مضمونة وصدق عليها الاتلاف فالخسارة التي لا بدل لها متمحضة في الاتلاف فتكون أولى بكونها مضمونة.
وأما إذا استندت إلى أقوائية السبب من المباشر فلا مساواة فضلا عن الأولوية، إذ يتصور أقوائية السبب في المسألة المتقدمة من حيث إتلاف المنافع باستيفائها، وهنا لا إتلاف بل تلف المال، فلا استناد إلى المشتري ولا إلى البايع ليكون الثاني أقوى من الأول، وإذا لوحظ استيلاء المشتري على العين المضمونة وأن استيلاء البايع أقوى، فما نحن فيه من حيث قوة السبب وضعف المباشر مساو للسببية للاتلاف ومباشرته، لا أنه أقوى بحيث يكون السبب هنا أقوى من السبب هناك، والمباشر هنا أضعف من المباشر هناك.
وإذا كانت القاعدة مستندة إلى الأخبار وسببية التغرير بعنوانه فهي متساوية النسبة إلى المسألتين، إذ لا إقدام معاوضي لا بالإضافة إلى المنافع ولا بالإضافة إلى الزائد على المسمى، فلا مانع عن تحقق الغرور في كلا المقامين من دون أولوية في البين.