تسبيب إلى الخسارة ليكون إضرارا خارجيا منه، ولا يعقل تسبيبه إلى الحكم شرعا بالضمان، بل لو فرض ترتب الخسارة على الاتلاف لم يكن تسبيب من البايع إلى الاتلاف، إذ ليس ترتب الاتلاف على البيع ترتب المسبب على سببه، بل فعل اختياري للمشتري من دون أن يكون انقداح الداعي إليه في نفس المكلف بدعوة من البايع، بل لو فرض جعل الداعي منه لم يكن مجرد جعل الداعي محققا للتسبيب، فلا اضرار من البايع على المشتري بوجه أصلا، ومنه يتضح أنه لا تكون قاعدة نفي الضرر بنفسها دليلا لرجوع المشتري إلى البايع ولا مدركا لقاعدة الغرور.
وأما قوة السبب وضعف المباشر: فليست بنفسها دليلا على الرجوع، بل مرجعها إلى استناد الاتلاف إلى السبب وسلبه عن المباشر، وهو خلف في المقام، إذ الكلام في الرجوع بعد الفراغ عن ضمان البايع والمشتري ما للمالك، مع ما عرفت من عدم سببية البايع لاتلاف المشتري ولو بنحو جعل الداعي.
مضافا إلى أن مورد قوة السبب وضعف المباشر ما إذا كان المباشر إما آلة محضة، كالشمس في إذابتها والنار في احراقها، وإما كالآلة من حيث عدم الاستقلال في القصد من أجل اللابدية من الفعل كالمكره، وكلاهما مفروض العدم، فإن الاتلاف فعل اختياري من المشتري من دون حمل البايع عليه، فضلا عن اللابدية.
وأما سببية البايع لاتلاف المال الذي يؤديه المشتري بدلا عما أتلفه من المالك، كما في شاهد الزور حيث إنه بمقتضى الأخبار يضمن ما حكم على المحكوم عليه بأدائه لمكان سببيته لاتلاف الخسارة.
ففيها: أنه يتوقف أولا: على السببية لتلك الخسارة.
وثانيا: على صدق عنوان الاتلاف، إذ لا دليل على مطلق السببية للخسارة، بل الدليل من أتلف مال الغير.
أما الأول فقد مر الكلام فيه في قاعدة نفي الضرر من أنه لا تسبيب خارجا إلى خسارة المشتري، ولا تسبيب إلى الحكم شرعا بالخسارة، والفرق بين شاهد الزور وما نحن فيه أن قيام البينة عند الحاكم توجب لابدية الحكم بأخذ المال خارجا، بخلاف الخسارة هنا فإنها مترتبة حكما شرعا على الاتلاف الذي ليس مما لا بد منه ببيع البايع أو بتسليطه خارجا للمشتري على المال، بل ولا فيه جعل الداعي أيضا فضلا عن اللابدية.