وأما الثاني فالاتلاف بظاهره إعدام المال الموجود أو المال المفروض الوجود حتى يعم تفويت المنافع، فإنه إبقاء لها على عدمها فيكون اعداما لها بوجه، وليس فيما نحن فيه إعدام المال بأحد المعنيين، وإن فرض التسبيب إلى أداء الخسارة وصدق الاضرار أيضا، إلا أن الذي يهون الخطب اشتمال بعض ما ورد في تضمين شاهد الزور على عنوان الاتلاف، حيث قال (عليه السلام): (ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل) (1) فيعلم أن مجرد اخراج المال من كيس الغير ولو بإزالة مالكيته لا باعدام ذاته اتلاف، ففي الحقيقة الاتلاف أعم من إعدام ذات مال الغير أو إعدام إضافته إلى الغير، فإنه إعدام لمال الغير بما هو مال الغير.
وأما الاجماع: فلا أظن قيامه على هذه الكلية، وهو أن المغرور يرجع إلى من غره، كما أن ظاهر المصنف (قدس سره) قيامه في بعض الموارد، وتعميمه لغيره بدعوى عدم الفارق.
وأما الأخبار الخاصة: الواردة في النكاح المشتملة على عنوان الخدعة والغرور والتدليس بتقريب: عدم الفرق بين النكاح وغيره، نظرا إلى عموم التعليل وهو قوله (عليه السلام) (لأنه دلسها) (2) وشبه ذلك، إلا أن مقتضى عنوان الغرور والخدعة والتدليس، وقوله (عليه السلام) في بعض الأخبار المشار إليها (ويكون الذي ساق الرجل إليها على الذي زوجها) (3) ولم يبين اختصاص الرجوع بصورة علم البايع بأنه غير مالك، ولا يعم ما إذا اعتقد مالكية نفسه كما هو مقتضى تعميم عنوان الفضولي في مباحثه.
فإن قلت: لا شبهة في أن المشتري الجاهل بأن البايع فضول مغرور في اشترائه منه، ومقتضى التضائف بين الغار والمغرور صدق عنوان الغار على البايع كما يصدق المغرور على المشتري.
قلت: مورد الغرور ما كان له ظاهر محبوب وباطن مكروه، ومن الواضح أن موجب اغترار المشتري كون المال بيد البايع وظهور يده في الملكية، مع أنه خلاف الواقع، فللغرور نسبتان إلى ظهور اليد وإلى ذي اليد، كما في نسبة القطع إلى السكين وإلى صاحبه، فإن كان البايع غاصبا فهو بهذا الظهور المخالف للواقع يغر المشتري، فوصف