انتزاع الملكية من وجوب الوفاء وغيره من الأحكام التكليفية، وكذا من العقد، بل العقد المباشري أو المجاز فيه مصلحة داعية إلى اعتبار الشارع للملكية، والمفروض أن العقد الأول بسبب الإجازة المتأخرة المفروض كونها شرطا متأخرا علة تامة لاعتبار الملكية شرعا، فلا تصل النوبة إلى تأثير العقد الثاني، فضلا عن العكس فتدبر جيدا، هذا كله بناء على الكشف بنحو كشف العلة عن معلولها.
وأما الكشف على وجه الانقلاب فمبناه على بقاء المال على ملك مالكه الأصلي، وإنما ينقلب بالإجازة، ولا انقلاب حقيقة إلا بعد الإجازة، فجميع تصرفات المالك تصرفات واردة على ملكه حقيقة، ونفوذها يمنع عن نفوذ العقد الأول بالإجازة ولو بنحو الانقلاب، فإن الانقلاب إنما يعقل إذا لم يكن له مانع، ونفوذ التصرفات المتوسطة بين العقد الأول والإجازة مانع، لفرض التمانع بين صحة العقدين، وفرض عدم المزاحم للتصرف المتوسط حال ثبوته حقيقة وواقعا، فيساوق الكشف الانقلابي للنقل في صحة العقد الثاني دون الأول، وحيث إن بناء المصنف (قدس سره) على الكشف الانقلابي بل نسبه إلى المشهور أيضا، فلذا أطلق في الكلام من حيث الكشف والنقل.
والتحقيق: أن المانع من صحة العقد المجاز مع صحة العقد الثاني أحد أمور:
إما عدم اتصال ملك المجيز بحال الإجازة، لعدم كفاية الملكية المتصلة بحال العقد هنا، إذ لا يعقل الانقلاب فيها في الملكية بين العقد والإجازة.
وإما لزوم اجتماع مالكين على ملك واحد في زمان العقد الثاني، إذا فرض تصحيح العقدين، حيث إن إبطال العقد الثاني بعد فرض وقوعه صحيحا بلا وجه، فلا بد من فرض مالكية المشتريين لمال واحد في زمان العقد الثاني.
وإما لغوية الإجازة إذا أثرت في صحة العقد الأول بنحو الانقلاب إلى زمان العقد الثاني فقط، لئلا يلزم اجتماع الملكين، ولا يصححه الرجوع إلى البدل، لمكان إتلاف المال بالنقل الصحيح، لأن الملك الانقلابي متأخر عن الاتلاف بالنقل، فكيف يصح الرجوع إلى البدل لتصح الإجازة وتخرج به عن اللغوية.
وهذه الموانع كلها مدفوعة:
أما الأول فلأن المصحح للإجازة ليس إلا ورود العقد على ملكه، بحيث يكون حال الانتقال منه إلى غيره ملكا له رعاية للانتقال منه إليه، فتارة يكون موقع الانتقال حال العقد