مسبوقة بالرد، وورود العقد الثاني يستلزم الرد، لأن الرد في غير ما نحن فيه له لازمان، أحدهما بقاء المال على ملك صاحبه، ثانيهما عدم تملك الثمن.
واللازم الأول منتف هنا، لأن المفروض خروج المال عن ملك صاحبه، واللازم الثاني ثابت، لأن المالك للمال بعد تملكه الثمن لا يعقل أن يتملك الثمن الأول، فلا تعقل الإجازة الموجبة لتملك الثمن الأول، فالعقد الثاني وإن لم يكن فسخا لكنه بمنزلته، من حيث عدم بقاء المحل لتأثير الإجازة.
والجواب: أن الرد تارة بإنشائه وحل العقد، وأخرى بفعل يفوت محل الإجازة، والثاني على قسمين:
أحدهما: ما يفوت المحل مطلقا فينحل العقد قهرا، حيث يلغو اعتبار بقائه مع عدم ترقب تأثيره.
ثانيهما: ما يفوت المحل بالإضافة إلى المتصرف دون غيره، فلا مانع من بقائه بالإضافة إلى غيره.
فنقول: أما إذا أنشأ الرد والحل قولا أو فعلا فالعقد والحل متقابلان، فلا يعقل الحل مع بقاء العقد البسيط بالإضافة إلى غيره، فلا محالة إذا انحل لا عقد حتى يجيزه هو أو غيره، وأما إذا لم ينشأ الرد بل تصرف فيه بالعتق، فالحر لا يعود رقا، فلا يمكن بقاء المحل لغير المعتق أيضا، فحينئذ ينحل العقد قهرا عقلا، لأن اعتبار بقائه مع عدم ترقب تأثير منه أصلا لغو محض.
وأما إن تصرف فيه بالبيع ونحوه فهو مفوت عقلا لتأثير الإجازة من المتصرف، إذ لا مال له كي ينقله بعد بالإجازة، وأما غيره وهو الفضول الذي انتقل إليه المال بالعقد الثاني فلم يفت المحل منه عقلا، فلا مانع من شمول أدلة نفوذ عقد الفضول بالإجازة، وليس تفويت المحل بالإجازة باطلاق دليل حتى يؤخذ به، ويقال إن دليل تفويت المحل مطلق فيدل على فواته بقول مطلق، لا بالنسبة إلى أحد دون غيره، بل تختلف أنحاء التصرفات في تفويت المحل مطلقا، أو بالنسبة عقلا لا نقلا.
ثم إن الكلام هنا مسوق لعدم كون البيع مثلا مفوتا للمحل بالنسبة إلى غير المتصرف