الدية على العاقلة في الخطأ حكمان في موضوعين متبائنين بسببين، لا اجتماع لهما في موضوع واحد حتى يتمانعا.
وفي جناية الصغير لا ريب في عدم تمامية سبب القصاص، إما لعدم المصلحة في الاقتصاص من الصغير، أو للمفسدة المانعة من تأثير المصلحة في جعله، وفرض مانعية جعل القصاص عن جعل الدية على العاقلة هنا - بلحاظ ايجابه لمفسدة في الالزام بالدية على العاقلة - موقوف على فرض وجوده، إذ لا مانعية قبل الوجود، وفرض وجوده فرض تمامية علته وسببه، فتكون جناية الصغير عمدا كجناية الكبير عمدا.
وفرض تمامية سببه فرض عدم السبب للالزام بالدية، حتى يكون جعل القصاص مانعا، باعتبار احداث المفسدة في الالزام بالدية على العاقلة بعد فرض كون موضوعه تام المصلحة وفي نفسه خاليا عن المفسدة، لأن المفروض عدم المفسدة إلا في الالزام بها في فرض جعل القصاص، وإذا كانت جناية الصغير عمدا كجناية الكبير في التأثير في جعل القصاص، فكما لا موجب أصلا لجعل الدية على العاقلة هناك كذلك هنا، ففرض المانعية مع عدم المقتضي للالزام بالدية فرض غير معقول.
بخلاف ما إذا لم تكن جناية الصغير كجناية الكبير في التأثير في جعل القصاص، فإن دم المسلم لا يذهب هدرا، فللالزام بالدية على العاقلة مصلحة فتدبر، هذا كله في علية رفع القلم لثبوت الدية على العاقلة.
وأما معلوليته لكون عمدهما خطأ - نظرا إلى أنه حيث إن عمد الصبي والمجنون في نظر الشارع بمنزلة الخطأ، فلذا رفع عنهما قلم المؤاخذة في نفسهما وفي مالهما، بل جعل الدية على العاقلة - فلا تخلو عن محذور.
لأن كون عمدهما بمنزلة الخطأ ليس إلا الحكم على عمدهما بحكم الخطأ، وعدم الحكم عليه بالقصاص، وليس معنى رفع القلم إلا عدم الحكم بالقصاص، فلا علية ولا معلولية حيث لا تغاير ولا اثنينية، حتى يكون أحدهما علة والآخر معلولا.
بل الظاهر في وجه ارتباط قوله (عليه السلام) (وقد رفع القلم عنهما) بما قبله هو أن تنزيل العمد منزلة الخطأ يقتضي بالمطابقة اثبات حكم الخطأ، وهي الدية على العاقلة، ويقتضي بالالتزام نفي حكم العمد وشبهه، وهو جعل القصاص والدية في مالهما، فحيث قال (عليه السلام)