بشئ في اعتبار الشارع، فمعنى ترتب الملكية المطلقة على العقد الذي قصد به الملكية المقيدة كونه محكوما في نظر الشارع بالتأثير في الملكية، وكون عمد الصبي خطأ بهذا المعنى خلف في المقام، لأن الفرض اسقاط عقده عن درجة الاعتبار، لا تأثيره شرعا في شئ لم يقصده، وإذا لم يترتب عليه شئ أصلا فلا واقع حتى يوصف بأنه خطئي، فإما لا خطأ له وإما يكون تنزيل العمد منزلته هنا خلفا، فتدبره فإنه حقيق به، هذا كله بناء على التحفظ على التقابل بين العمد والخطأ.
وأما بناء على أن المراد تنزيل قصد الصبي منزلة عدمه، فربما يشكل بأن العقد على أي حال قصدي سواء لوحظ العقد الانشائي وهو المتقوم بقصد ثبوت المعنى باللفظ، أو لوحظ العقد بالحمل الشايع أي التسبيب إلى الملكية قصدا بلفظ أو فعل، فليس للعقد بمعنييه فردان قصدي وغير قصدي حتى ينزل الأول منزلة الثاني.
ويمكن دفعه بإرادة العقد الانشائي المقصود به التسبب إلى الملكية تارة، وما لا يقصد به التسبب - بل هزلا مثلا - أخرى، فنزل المقصود به التسبب من غير البالغ منزلة ما لا يقصد به التسبب.
نعم يشكل بأن قصد التسبب دخيل في صيرورة العقد بيعا بالحمل الشايع مثلا عقلا لا شرعا، فليس للقصد دخل شرعا، بل عقلا، وحيث لا أثر لنفس القصد شرعا، فلا معنى لتنزيله منزلة عدمه، فيكون مورد هذه الأخبار كالجنايات التي لوقوعها قصديا أثر شرعا.
- قوله (قدس سره): (فإن ذكر رفع القلم في الذيل ليس له وجه ارتباط... الخ) (1).
تحقيق المقام بالبسط في الكلام في علية رفع القلم لثبوت الدية على العاقلة، وفي معلوليته لكون عمدهما خطأ فنقول:
أما علية رفع القلم لثبوت الدية على العاقلة، فالمراد منها إما علية رفع قلم جعل الحكم، فمعناها علية عدم جعل القصاص على الصبي، وعدم جعل الدية في ماله لثبوت الدية على العاقلة، وإما علية رفع علة الحكم، فمعناها علية عدم مقتضي الحكم وهي المصلحة، أو علية المانع من ثبوته وهي المفسدة، لثبوت الدية على العاقلة.