فلا، كيف والمشهور على فساد عقوده وإيقاعاته إلا وصيته وتدبيره، ومن الواضح عدم كفاية تلك الموجبة الجزئية لما هو (قدس سره) بصدده من اثبات صحة بيعه وغيره، ولو في صورة إذن الولي، أو صحته اقتضاء وتأهلا، من حيث تأثير عقده وعدم كونه مسلوب الأثر.
نعم، يختلف حال ما ثبت في حقه من الوضع، فتارة يكون تخصيصا لعموم رفع القلم عنه مطلقا كالوصية والتدبير وشبههما، وأخرى لا يكون تخصيصا كضمانه بإتلافه وجنابته ونجاسته وطهارته وأشباهها، فإن الظاهر من رفع القلم عنه وعن المجنون والنائم رفع ما يكون منوطا بالشعور والاختيار والعقل وكماله.
وأما ما يثبت في حق البالغ الكبير ولو صدر عنه لا عن شعور واختيار واعمال رأي ونظر كاتلافه المضمن بأي وجه اتفق، أو السبب الموجب لجنابته ونجاسته وطهارته، فمثلها غير منوط بالعقل وكماله، ولا بشعور واختيار فلا يعمه حديث رفع القلم حتى يكون ثبوتها في حق الصغير تخصيصا له.
- قوله (قدس سره): (فلا مانع من أن يكون عقده سببا لوجوب... الخ) (1).
قد اكتفى (قدس سره) كما في أصوله (2) بانتزاع الوضع من الحكم المعلق على البلوغ، وقال بعدم اختصاصه بالحكم الفعلي المنجز.
وقد مر منا (3) - في أول المقبوض بالعقد الفاسد - أن الغرض من انتزاع الوضع من التكليف، إن كان حقيقة انتزاع مفهوم يقابل التكليف - كما هو واضح فمن البين أن فعلية الأمر الانتزاعي بفعلية منشأ انتزاعه، فلا يعقل ضمان فعلي مع منشأ تقديري.
وإن كان الغرض أنه لا معنى للوضع إلا نفس الحكم التكليفي التعليقي فهذه دعوى العينية، لا دعوى الانتزاع والاثنينية في المفهوم، مع أن مرجعه إلى أنه لا ضمان فعلا، بل بعد البلوغ، ويكون الاتلاف جزء السبب، ويتم في تأثيره الضمان بالبلوغ.
بخلاف ما إذا قلنا باستقلال الوضع في أمثال هذه الأمور بالجعل، فإن اعتبار الضمان وشبهه فعلي وإن لم يكن هناك تكليف.