بلا علة ليس بأخف من محذور وجود المعلول بعلة متأخرة.
ولا يعقل أن يكون من قبيل الثانية، لأن العقد إن كان بنفسه منشأ لانتزاعه لوجب ترتيب الأثر عليه ولو لم توجد الإجازة أصلا، وإن لم يكن بنفسه منشأ، بل بلحاظ الإجازة المتأخرة عاد محذور الشرط المتأخر، إذ لا فرق في استحالة تأخر الشرط بين أن يكون شرطا لأمر متأصل أو لأمر انتزاعي.
وأما الكشف بالمعنى الثالث: فقد التزم أستاذنا العلامة (رفع الله مقامه) - في أصوله وفقهه - بصحته، لمعقولية الشرط المتأخر عنده (قدس سره)، وظواهر كلماته مختلفة في وجه معقوليته، ففي فوائده (1) أنه بوجوده العلمي شرط مطلقا في المقارن والمتقدم والمتأخر، نظرا إلى أن الأحكام الشرعية تكليفية كانت أو وضعية أفعال اختيارية، ومبادي الأفعال الاختيارية - بما هي اختيارية - أمور نفسانية، لاستحالة تأثير الأمور الخارجية - بما هي خارجية - في الإرادة النفسانية المتقومة بها الأفعال الاختيارية، لعدم السنخية المعتبرة في مرحلة العلية والمعلولية، فشرائط التكليف الاختياري والوضع الإرادي لها الدخل فيهما بوجودها الواقع في أفق النفس، سواء كان المعلوم بالعرض مقارنا أو متقدما أو متأخرا.
وفي تعليقته (2) على الكتاب أيضا جعل الشرط بوجوده العلمي شرطا، لكنه لا من حيث إن التكليف والوضع فعل اختياري، بل من حيث إنهما من الأمور الانتزاعية الاختراعية، وما له دخل في الانتزاع والاختراع لا يعقل أن يكون دخيلا إلا بوجوده العلمي المناسب لأفق الانتزاع والاختراع، حيث لا موطن له إلا النفس.
وفي كفايته (3) جعل المناط في شرائط التكليف كونه فعلا إراديا منبعثا عن الإرادة، وفي شرائط الوضع جعل المناط انتزاعيته واختراعيته.
وأما في شرائط المأمور به فصريح فوائده (قدس سره) (4) أيضا كونها بوجودها العلمي شرطا، وظاهر كفايته (5) أنها بوجودها الخارجي شرط، ومعنى شرطيتها كونها طرفا للإضافة