على التصرف في قبول المشتري من شؤون سلطنة المالك على ماله، فإن المشتري لم يملك ماله ضمنا للبايع مجانا، حتى يكون المجيز أجنبيا عنه، بل ملكه بإزاء مال الغير، فللمجيز - من حيث السلطنة على ماله - أن يجيز بدلية ماله لمال المشتري، باسقاط خصوصية الغاصب في طرفيته لمال المشتري بإزاء ماله، فأمر مال المشتري - من حيث تمليكه - بيده لا من حيث تمليكه بإزاء مال غيره، ولم يتصرف المجيز إلا في حيثية جعل ماله بإزاء مال المجيز بإجازته، واسقاط الخصوصية الراجعة إلى ماله فتدبر.
وأما الثالث: فبأن الإجازة إذا كانت عقدا مستأنفا حقيقة لزم اتحاد الايجاب والقبول، وأما إذا كان بمنزلة العقد من حيث التصرف في الايجاب والقبول، باسقاط الخصوصيتين الغير القابلتين للإجازة فلا محذور فيها كما عرفت (1)، نعم الانصاف أن ظاهر كلمات المحقق (رحمه الله) آب عن هذا التوجيه.
- قوله (قدس سره): (توضيحه: أن البايع الفضولي إنما قصد... الخ) (2).
ليس غرضه (قدس سره) أن البيع حيث إنه المبادلة بين المالين من دون نظر إلى شئ آخر، وأن مالكية كل من مالكي المالين للآخر من الفوائد والأغراض، فإنه مع فساده في نفسه - كما مر (3) - غير مراد هنا، وإلا لم يكن فرق بين الايجاب والقبول بلفظ " تملكت " و " ملكت "، فإن القبول ليس إلا مطاوعة مضمون الايجاب، فإذا كان المضمون غير مناف لتقييده بقوله " لنفسي " فكذا القبول بقوله " قبلت لنفسي " أو " تملكت " أو " ملكت "، بل كون البيع مبادلة بين المالين في الملكية لمالكهما مفروغ عنه، ولذا قال (قدس سره) مرارا (إن مقتضى البيع دخول كل من العوض والمعوض في ملك مالك الآخر).
بل غرضه (رحمه الله) أن المجاز هو مضمون الايجاب وهو قوله " ملكت الكتاب بدينار "، وأما قوله " لنفسي " فهو أمر زائد على مضمون الايجاب، فعدم قبوله للإجازة لا يوجب مغائرة ما هو مضمون العقد - القابل للإجازة - للمجاز.
ولذا أورد على نفسه (رحمه الله) بما إذا كان الفضول مشتريا بمال الغير، وقال " تملكت " فإن