تملكه بنفسه أو تملك غيره يجري مجرى الدواعي والأغراض، فحقيقته غير متقومة بالإضافة إلى المنتقل عنه أو المنتقل إليه، حتى يجب قصده أو يضر قصد خلافه.
وربما يتوهم رجوع الجواب الآتي في كلامه (قدس سره) عن الاشكال الثاني إليه، فيكون جوابا عن الاشكالين معا، وسيأتي (1) إن شاء الله تعالى أنه لا دخل له بما ذكر.
والجواب: أن البيع وإن كان مبادلة مال بمال، إلا أن حقيقة المبادلة لا تتم إلا بملاحظة أمر آخر من الملكية أو الحكومة أو أشباههما، وإلا فالمبادلة المبهمة ليست من حقيقة البيع، ولا يعقل تحققها في الخارج، فلا فرق حينئذ بين القول بأن البيع تمليك مال بعوض، والقول بأنه مبادلة مال بمال في الملكية.
ومن الواضح أن الملكية صفة إضافية قائمة بالمال وصاحبه، فتبديل مال بمال في الملكية يستدعي قصد جعله طرفا لإضافة الملكية القائمة بالمال الآخر وصاحبه، فهو تعيين اجمالي لطرفها الواقعي، فالطرف الواقعي إما مقوم حقيقة المبادلة أو لازمها الغير المفارق.
وقصد طرفية نفسه لتلك الإضافة إما قصد ما ينافي الحقيقة، أو قصد ما ينافي لازمها الغير المفارق عنها، وكلاهما محال، ولا اختصاص للاشكال بصورة قصد المنافاة للحقيقة، بل قصد الملزوم مع قصد عدم لازمه أيضا محال، بل اللازم وإن كان ترتبه قهريا لا يجب قصده ولو اجمالا، إلا أن قصد عدمه لا يتمشى من الملتفت إلى ترتبه قهرا.
والتحقيق: أن البيع ليس من المعاوضة بالمعنى المزبور حتى يرد المحذور المذكور، بل هو التمليك لا مجانا - أي تمليك شئ في قبال شئ بحيث لا يكون مجانا - فالتمليك بإزاء سقوط الحق عن ذمته تمليك شئ بإزائه شئ، لا بحيث يقوم مقامه في ما له من الإضافة، بل قد مر في محله من أن البيع لا يجب أن يكون تمليكا، كما في بيع العبد بالزكاة، فإن حقيقته قطع إضافة الملكية بإزاء شئ لا تمليك من يؤدي الزكاة، فراجع (2) ما قدمناه.