قد بينا في محله (1) أن حرمة التسبب إلى الملكية حرمة مولوية - سواء كانت لمفسدة في خصوص التسبب أو في حصول المسبب، كملك الكافر للمسلم أو للمصحف - لا تلازم الفساد وعدم التأثير عقلا ولا عرفا، والتصرف المنهي عنه بقوله (عليه السلام) (لا يجوز لأحد أن يتصرف... الخ) (2) عنوان انتزاعي من أنحاء التصرفات المباشرية والتسبيبية، لا عنوان متأصل ليقال بأن النهي لم يتعلق بذات المعاملة.
نعم حرمة التصرف البيعي من حيث عليته للاقباض المحرم خارج عن محل البحث، لأن الحرمة ليست بعنوان كونه بيعا، بل بعنوان المقدمية للحرام.
وأما ما عن شيخنا الأستاذ في تعليقته المباركة (3) على الكتاب أن قوله (عليه السلام) (لا يجوز لأحد... الخ) إنما لا يدل على الفساد إذا كان المراد عدم الجواز التكليفي، وأما إذا كان بمعنى جامع مناسب التكليف في مورده والوضع في مورده فلا، فالتصرف بالأكل مثلا لا يجوز تكليفا، فهو مصدود عنه غير مرسل ولا مطلق العنان لمكان المنع شرعا، والتصرف البيعي غير جائز أي له صاد عن نفوذه وإرساله من حيث التأثير - فيدل على فساده هذا توضيح كلامه.
فهو كذلك على ما بيناه غير مرة، إلا أن خصوص هذه العبارة تناسب التكليف دون الوضع، لركاكة إرادة عدم الصحة لأحد، بخلاف عدم الرخصة لأحد، فإن عدم النفوذ وعدم التأثير لا يختص بالمتصرف، كما أن التأثير لا يختص به، بل عدم التأثير بعدم علته والتأثير بوجود علته.
مع أن مورد هذه الرواية هي التصرفات الغير التسبيبية، من عمارة الأرض وأداء الخراج وصرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية المقدسة، وفي آخره (من فعل شيئا من ذلك بغير أمرنا فقد استحل منا ما حرم عليه... الخبر) (4).