إرادته سبحانه لأفعال الإنسان، أو أن أفعاله خارجة عن إطار الإرادة الإلهية.
فالمعتزلة على الثاني حفظا لاختيار الإنسان وتجنبا عن القول بالجبر والأشاعرة على الأول لكن بالالتزام بتعلق إرادته سبحانه على أفعال البشر من غير واسطة كما هو الحال في غير الأفعال.
وأما الإمامية فقد اختلفت آراؤهم، فيظهر من الشيخ الصدوق سعة إرادته سبحانه لأفعال العباد، لكن بوجه مجمل لا يعلم كنه مراده منه.
وذهب الشيخ المفيد إلى خلافه وقال: " إن الله تعالى لا يريد إلا ما حسن من الأفعال ولا يشاء إلا الجميل من الأعمال ولا يريد القبائح ولا يشاء الفواحش، تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا. قال الله تعالى:
* (وما الله يريد ظلما للعباد) * وقال: * (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) *.. " إلى أن قال: " فلو كان سبحانه مريدا لمعاصيهم لنافى ذلك التخفيف واليسر لهم، فكتاب الله شاهد على ضد ما ذهب إليه الضالون المفترون على الله الكذب " (1).
وقد صارت هذه المسألة مائزة بين الأشاعرة والمعتزلة واتخذ كل من الفريقين نتيجة رأيه شعارا لمنهجه. ولأجل ذلك لما دخل القاضي عبد الجبار المعتزلي (ت 415) دار الصاحب بن عباد فرأى فيه أبا إسحاق الإسفرائيني الأشعري (ت 413)، قال القاضي: " سبحان من تنزه عن الفحشاء " (يريد بذلك أن القول بسعة إرادته لأفعال الإنسان يستلزم أنه أراد الفحشاء). فأجابه أبو إسحاق بقوله: " سبحان من لا يجري في ملكه إلا ما يشاء " (مريدا بذلك أن القول بوقوع أفعال العباد بلا مشيئة منه سبحانه يستلزم القول بوجود أشياء في سلطانه ومملكته خارجة عن مشيئته) (2).
وعلى كل تقدير، فالحق تعلق إرادته بكل ما يوجد في الكون من دون فرق بين فعل الإنسان وغيره، ولا يقع في ملكه إلا ما يشاء ولكن لا على