يلاحظ عليه أمران:
1 - إن مراده من الصرف هو توجه قدرة العبد إلى الفعل، فمجرد نوجهها إلى الفعل وإن لم يكن دخيلا في وجود الفعل، كسب ومن المعلوم أن صرف التوجه لا يعدو عن نية الفعل فكما أنها لا تؤثر في المسؤولية إذا نوى هو وقام الآخر به، فهكذا في المقام.
2 - إن الشيخ التفتازاني يعترف بعجزه عن تفسير الكسب.
وهناك كلام متين للقاضي عبد الجبار نأتي بنصه قال: " إن فساد المذهب يعلم بأحد طريقين:
أحدهما: أن يتبين فساده بالدليل.
الثاني: أن يتبين أنه غير معقول في نفسه.
والمقام (الكسب) من قبيل الثاني فإذا تبين أنه غير معقول في نفسه كفيت نفسك مؤونة الكلام عليه، لأن الكلام على ما لا يعقل لا يمكن.
والذي يبين لك صحة ما نقوله أنه لو كان معقولا لكان يجب أن يعقله مخالف المجبرة في ذلك من الزيدية والمعتزلة والخوارج والإمامية، فإن دواعيهم متوفرة وحرصهم شديد في البحث عن هذا المعنى. فلما لم يوجد في واحد من هذه الطوائف على اختلاف مذاهبهم، وتنائي ديارهم، وتباعد أوطانهم، وطول مجادلتهم في هذه المسألة من ادعى أنه عقل هذا المعنى أو ظنه أو توهمه، دل على أن ذلك مما لا يمكن اعتقاده والإخبار عنه البتة.
ومما يدل على أن الكسب غير معقول هو أنه لو كان معقولا لوجب كما عقله أهل اللغة وعبروا عنه أن يعقله غيرهم من أهل اللغات وأن يضعوا له عبارة تنبي عن معناه. فلما لم يوجد شئ من اللغات ما يفيد هذه الفائدة دل على.
أنه غير معقول " (1).