فلعله يرحمكم ويرد العذاب عنكم، فاخرجوا إلى المفازة، وفرقوا بين النساء والأولاد، وبين سائر الحيوانات وأولادها، ثم ابكوا وادعوا ففعلوا فصرف عنهم العذاب (1).
وبالجملة، إذا كانت إخبارات النبي مقترنة بالقرائن الدالة على صدق إخباره، وأن الوقوع كان حتميا قطيعا لولا فعل ما فعلوه، لما عد ذلك تقولا بالخلاف، بل يعد من دلائل الرسالة.
وعلى ذلك فإخباراتهم الغيبية إلى كانت على وجه التعليق في اللفظ، كما في قصة يونس، حيث روي أنه قال لقومه: " إن العذاب مصبحكم بعد ثلاث إن لم تتوبوا " (2). أو في اللب، كما إذا دلت القرائن الماضية على أن كلامه كان معلقا على مشيئته سبحانه، وكانت مشيئته سبحانه، وكانت مشيئته معلقة على عدم صدور أمر يدفع العذاب.
وأنت إذا أحطت بما ذكرنا من الأمور تقف على مدى صحة ما نقله الرازي عن سليمان بن جرير من أن أئمة الرافضة وضعوا القول بالبداء لشيعتهم، فإذا قالوا سيكون لهم أمر وشوكة ثم لا يكون الأمر على ما أخبروا، قالوا: بدا لله تعالى (3)! وكأن الرجل كان غافلا عن تلك المعارف العليا في الكتاب والسنة.
ونضيف أخيرا بأن هذا النوع من الإخبارات التي تعد نتيجة للبداء لا نفس البداء، لا تتجاوز في كلمات الأئمة عن مواضع أربعة (4)، ذكر تفصيلها في موضعها، فكيف يدعي الرازي وضع ضابطة كلية؟!