صديقة، كانا يأكلان الطعام) * (1). وهذه الآية تبطل ألوهية المسيح وأمه، التي كانت معرضا لهذه الفكرة الباطلة، بحجة أن شأن المسيح شأن بقية الأنبياء وشأن الأم شأن بقية الناس، يأكلان الطعام. فليس بين المسيح وأمه، وبين غيرهما من الأنبياء والرسل وسائر الناس أي فرق وتفاوت، فالكل كانوا يأكلون عندما يجوعون ويتناولون الطعام كلما أحسوا بالحاجة إليه. وهذا العمل منضما إلى الحاجة إلى الطعام، آية المخلوقية.
ولا يقتصر القرآن على هذا البرهان، بل يستدل على نفي ألوهية المسيح بطريق آخر، وهو قدرته سبحانه على إهلاك المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا، والقابل للهلاك لا يكون إلها واجب الوجود.
يقول سبحانه: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا) * (2). وفي هذه الآية وردت ألوهية المسيح وأبطلت من طريق قدرته سبحانه على إهلاكه. ويظهر من سائر الآيات أن ألوهيته كانت مطروحة بصورة التثليث، قال سبحانه: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وما من إله إلا إله واحد) * (3).
وعلى كل تقدير، فقدرته سبحانه على إهلاك المسيح (عليه السلام) أدل دليل على كونه بشرا ضعيفا، وعدم كونه إلها، سواء طرح بصورة التثليث أو غيره.
ثم إن القرآن الكريم كما يفند مزعمة كون عيسى بن مريم إلها ابنا لله في الآيات المتقدمة، يرد استحالة الابن عليه تعالى أيضا على وجه الاطلاق