يشهد به من الواقف، فبنا حاجة إلى الشهادة به بالاستفاضة وإلا بطلت الوقوف وهذا الذي يقتضيه مذهبنا.
وقال قوم لا يثبت وقالوا إنما تثبت أزواج النبي صلى الله عليه وآله بالتواتر فأشهدنا بالاستفاضة والتواتر توجب العلم فهو كالشهادة بأن في الدنيا مكة وهذا صحيح، وأما الوقوف فإن الحاكم يجدد كتبها كلما مضت مدة تفانى فيها الشهود، فإنه يثبت بالشهادة على الشهادة فلا يخاف بطلان الواقف، وهذا لا يصح على مذهبنا لأن الشهادة على الشهادة لا تجوز عندنا، وإنما يجوز دفعة واحدة، فعلى هذا يؤدي إلى بطلان الوقف.
فمن قال لا يثبت بالاستفاضة فلا كلام ومن قال يثبت بالاستفاضة فإنما يشهد ويقول هذه زوجة فلان ولا يشهد بالعقد، ويقول هذا وقف فلان ولا يشهد بالعقد وكذلك الولاء والعتق على هذا التفصيل، وليس لأحد أن يقول إن الشهادة بالاستفاضة ليست شهادة بعلم، وقد قلتم أنه لا يجوز أن يشهد إلا بما يعلم؟ قلنا إنما أردنا في هذا القسم غالب الظن دون القطع الذي يحصل مع المشاهدة.
وأما ما يتحمل الشهادة عليه بالمشاهدة وهي الأفعال فإن الأعمى لا يتحمل الشهادة عليها لأنها تتحمل بالمشاهدة ولا مشاهدة للأعمى وهو إجماع.
وأما ما يتحمل الشهادة فيه بالسماع وهو النسب والموت والملك المطلق فإن الأعمى يشهد بها لأنها إنما يفتقر إلى سماع من غير مشاهدة، وقال قوم: لا يقبل شهادته.
وأما ما يفتقر إلى سماع ومشاهدة وهي شهادة العقود كلها فإن شهادة الأعمى لا تصح فيها كالبيوع والصرف والسلم والإجارة والهبة والنكاح ونحو ذلك وفي هذا المعنى الشهادة على الاقرار وفيه خلاف والذي يقتضيه مذهبنا أنه يقبل شهادته إذا كانت حاسة سمعه صحيحة وحصل له العلم بغير المشاهدة.
وأما الكلام في فروع شهادة الأعمى فجملته أنه إذا تحمل الشهادة على الأفعال أو العقود وهو صحيح ثم عمى، فإن كان تحملها على الأعيان مثل أن شهد على عين