وقد حصل لكل واحد منهما بما يدعيه اليد والبينة معا، فيقضى لكل واحد منهما بالشاة التي في يديه.
رجل في يده شاتان سوداء وبيضاء تنازعهما نفسان، فادعى أحدهما أن الشاتين معا لي، وأن البيضاء نتجت السوداء، وادعى الآخر أنهما له وأن السوداء نتجت البيضاء، فهما متعارضتان في الملك، لأنه لا يجوز أن يكون الشاتان معا ملكا لكل واحد منهما في الحال، وفي النتاج لأنه لا يجوز أن يكون كل واحدة منهما نتجت الأخرى، وإذا تعارضتا وفيهما يدان فإما أن يسقطا أو يستعملا.
فمن قال يسقطان، فكأنه لا بينة لواحد منهما، فإن أنكر المدعى عليه حلف لهما، وإن اعترف لهما أو لأحدهما وأقر الآخر أو جحد الآخر فالحكم على ما مضى غير مرة.
ومن قال يستعملان إما بالقرعة أو الوقف أو القسمة، فمن أقرع وهو مذهبنا فمن خرجت قرعته هل يحلف؟ على قولين أقواهما عندنا أن يحلف، ومن قال يقسم قسم بينهما نصفين، ومن قال يوقف أوقف.
إذا ادعى زيد شاة في يدي عمرو فأنكر وأقام زيد البينة أن الشاة له وملكه حكمنا له بها لأن بينته أولى من يد عمرو، فإن أقام عمرو البينة بعد هذا أن الشاة ملكه نقض الحكم وردت الشاة إلى عمرو لأن عمروا كانت له اليد ولزيد بينة بغير يد، وقد ظهر أنه كان لعمرو مع يده بينة، فظهر أن بينة عمرو الداخل، وبينة زيد الخارج، وبينة الداخل أولى، فلهذا قضي بها لعمرو دون زيد.
زيد ادعى شاة في يد عمرو فأنكر عمرو، فأقام زيد البينة أنها ملكه، وأقام عمرو البينة أن حاكما من الحكام حكم بها له على زيد وسلمها إليه، قال بعضهم ينظر في حكم ذلك الحاكم الذي حكم بها لعمرو على زيد، كيف وقع؟ فإن قال عمرو: لي وكانت في يد زيد فأقمت البينة أنها ملكي فقضى لي بها عليه، لأنه إنما كان له بها يد دون البينة، نقض حكمه به لعمرو وردت إلى زيد، لأنه قد بان أنه كان لزيد يد وبينة ولعمرو بينة بلا يد فهي كالتي قبلها سواء.