الحكم والأول أحوط عندنا، والثاني يدل عليه رواياتنا، غير أنه إذا علم أنهما كانا فاسقين حين الشهادة نقض حكمه.
* * * وأما كيفية البحث فنقدم أولا من الذي يبحث عنه ومتى يبحث عنه، وجملته أن الشهود ضربان من له شدة عقول يعني وفور عقل وضبط وحزم وجودة تحصيل، ومن ليس لهم شدة عقول، يعني هو عاقل إلا أنه ليس بكامل العقل:
فإذا لم يكن لهم شدة عقول، فإذا شهد عنده منهم اثنان في غير الحدود وأربعة في الحدود، فينبغي أن يفرقهم ويسئل كل واحد على حدته، متى شهد، وكيف شهد، وأين شهد، ومن كتب أولا؟ وبالمداد كتب أو الحبر؟ وفي أي شهر وفي أي يوم؟ وفي أي وقت منه؟ وفي أي محلة؟ وفي أي دار وأي مكان من الدار: في الصفة أو في البيت أو في الصحن؟ فإذا سمع ذلك منه يستدعي الآخر ويسأله كما سأل الأول، فإن اختلفا سقطت الشهادة وإن اتفقا على ذلك يعظهم.
وروي في تفرقة الشهود خبر داود النبي صلى الله عليه وآله وخبر دانيال، وقد رواه الخاص والعام.
وروي أن سبعة خرجوا في سفر ففقد واحد منهم فجاءت امرأته إلى علي عليه السلام وذكرت ذلك له، فاستدعاهم وسألهم فأنكروا ففرقهم وأقام كل واحد إلى سارية، و وكل به من يحفظه ثم استدعا واحدا فسأله فأنكر فقال علي الله أكبر فسمعه الباقون فظنوا أنه قد اعترف، واستدعى واحدا واحدا بعد هذا فاعترفوا، فقال الأول قد أنكرت، فقال: قد شهد هؤلاء عليك، فاعترف فقتلهم علي عليه السلام به.
فإذا ثبت أن التفرقة مستحبة، فإذا ثبتوا مع ذلك على أمر واحد ولم يختلفوا وعظهم، فقال: شهادة الزور معصية تواعد النبي صلى الله عليه وآله عليها، وأن شاهد الزور لا يزول قدماه حتى يتبوء مقعده من النار.