فإن ترافع إليه نفسان فأقر أحدهما لصاحبه كتب الحاكم المقر منهما، وأشهد على المقر منهما ثم بعث بهما إلى كاتبه، وإنما قلنا يكتب المقر أو يشهد عليه لأنهما إذا قاما إلى الكاتب لا يؤمن أن يختلط المقر منهما فيقول كل واحد منهما أنا المقر له، فإذا خيف هذا احتيط بالكتابة والإشهاد.
وينبغي أن يكون القاسم بين الناس أموالهم في صفة الكاتب عدلا عاقلا ويجتهد أن يكون فقيها نزها عن الطمع، ويكون عدلا كيلا يجور، وعاقلا مستيقظا كيلا ينخدع، ويكون حاسبا لأنه عمله، وبه يقسم، فهو كالفقه للحاكم ويفارق الكاتب لأنه لا حاجة به إلى الحساب.
وينبغي أن يكون عارفا بالقيم فإن لم يعرف القيم عمل على قول مقومين يقومان له، فيقسم على ما يقولان.
إذا ترافع إلى الحاكم خصمان فادعى أحدهما على صاحبه حقا لم يخل المدعى عليه من أحد أمرين إما أن يقر أو ينكر، فإن أقر ثبت الحق عليه بإقراره، لأن الاقرار أقوى من البينة، وبالبينة يثبت الحق فالإقرار به أولى.
فإن قال المقر له: اشهد لي أيها الحاكم بما أقر لي به شاهدين، لزم الحاكم أن يشهد له به، سواء قيل إن الحاكم يقضي بعلمه أو قيل لا يقضي بعلمه، لأنه إن قيل لا يقضي بعلمه فلا بد منه لأن علمه لا يقضي له به، وإذا قيل يقضي له بعلمه فلا بد أيضا منه لأنه قد يعلم ثم ينسى، ويعزل فلا يحكم بقوله بعد عزله، أو يموت فيبطل حقه.
فإن سئل المقر له أن يكتب له بذلك محضرا قال قوم يجب، وقال آخرون لا يجب عليه ذلك، فمن قال يجب أو قال لا يجب وأجابه إلى الكتاب فصفته.
بسم الله الرحمن الرحيم حضر القاضي فلان بن فلان، وإن كان قاضي الإمام قال قاضي عبد الله الإمام وإن كان خليفة قاض قال خليفة القاضي فلان بن فلان والقاضي فلان قاضي عبد الله الإمام على كذا وكذا، فإذا فرغ من صفة القاضي ذكر المدعي والمدعي عليه.