فقطع يده الأخرى فالأولة هدر، والثانية مضمونة، فإن اندملت كان له الخيار بين أن يقتص في اليد أو يعفو ويأخذ نصف الدية، وإن سرت إلى النفس فلا قصاص في النفس، لكن يجب القصاص في اليد أو نصف دية النفس.
فإن قصده فقطع يده فولى فقطع رجله ثم أقبل عليه فقطع يده الأخرى وسرى ذلك إلى نفسه فمات، كان عليه ثلث الدية لأن الروح خرجت عن جرحين مباح و محظور. فإن قطع يده مقبلا وأقام على إقباله فقطع الأخرى ثم ولى فقطع رجله ثم سرى إلى نفسه فمات كان عليه نصف الدية.
والفصل بينهما أن القطعين المباحين تواليا فصارا كالقطع الواحد فلم يضمن، وفي المسألة قبلها قطع يده قطعا مباحا فلما ولى لزمه الكف، فإذا قطع يده كان ذلك قطعا محظورا، فلما أقبل بعد ذلك فقطع يده حصل بين القطعين ما ليس من جنسهما فلم يبتن أحدهما على الآخر.
إذا صال حر على انسان فقتله دفعا عن نفسه فلا ضمان عليه وكذلك إن صال عليه عبد فقتله، فلا ضمان عليه أيضا كالحر، وأما إن صالت بهيمة على آدمي فله أن يدفعها عن نفسه، فإذا دفعها عن نفسه وأتلفها بالدفع فلا ضمان عليه عندنا وفيه خلاف، ولو عض يده انسان فانتزع يده من فيه فبدرت ثنيتا العاض كانت هدرا عندنا وعند جميع الفقهاء إلا ابن أبي ليلى فإنه قال عليه ضمانهما.
ولو عضه كان له فك لحييه بيده الأخرى ليخلص يده، فإن لم يقدر كان له أن يلكم فكه لأنه موضع حاجة، فإن لم يقدر كان له أن يبعج بطنه، وإن كان قد عض قفاه كان له أن يتحامل عليه برأسه مصعدا أو منحدرا، فإن لم يقدر بعج بطنه فإن قدر على خلاص نفسه بغير بعج البطن فبعج كان عليه الضمان، وقال بعضهم لا يضمن والأول أصح لأنه لا حاجة به إلى ذلك.
إذا وجد الرجل مع امرأته رجلا يفجر بها وهما محصنان كان له قتلهما، و كذلك إذا وجده مع جاريته أو غلامه وإن وجده ينال منها دون الفرج كان له منعه ودفعه عنها، فإن أبى الدفع عليه فهو هدر فيما بينه وبين الله تعالى.