ومنهم من قال إن كانت العين تالفة حبس لأجل ما في ذمته، وإن كانت قايمة أخذت منه ونظرت في مسافة الغائب، فإن كانت قريبة حبس، وإن كانت بعيدة أطلق لئلا يطول حبسه فيعظم الإضرار به.
إذا ادعى رجل أنه سرق من حرزه نصابا ربع دينار فصاعدا وأقام بذلك شاهدين عدلين، فإن قال المشهود عليه: ما سرقت لم يلتفت إلى قوله لأنه يكذب الشهود، وإذا كذبهم سقط تكذيبه، واستوفى الحق منه.
فإن قال فاحلفوا لي المدعي أني سرقت منه لم يلتفت إليه، لأن الشهود قد شهدوا للمدعي بأنه سرق، وقوله احلفوا لي مع شهوده قدح في الشهود، وطعن فيهم فلا يلتفت إليه.
فإن قال: قد صدق الشهود في السرقة، وقد أخذت هذا من حرزه على سبيل الاستخفاء غير أني أخذته بحق لي، فإن هذه العين غصبنيها أو باعنيها وسلمت ثمنها فمنعني، أو وهبها مني وأذن لي في قبضها فسرقتها منه، قلنا هذه دعوى مستأنفة على المسروق منه، فيكون القول قول المسروق منه مع يمينه، لأن السارق قد اعترف له باليد وأنه أخذ المال من حرزه، فإذا اعترف له باليد فالظاهر أنه ملكه فيكون القول قول صاحب اليد، وإنما لزمه اليمين لأن السارق ما كذب الشهود ولا قدح في شهادتهم.
فإذا ثبت أن القول قول المسروق منه، لم يخل من أحد أمرين إما أن يحلف أو ينكل، فإن حلف فعلى السارق الضمان، إن كانت العين قائمة ردها، وإن كانت تالفة فعليه بدلها مثلها إن كان لها مثل، أو قيمتها إن لم يكن لها مثل.
وأما القطع فلا يجب عليه لأنه صار خصما، وقال بعضهم: يقطع لأنا حكمنا بتكذيبه وأغرمناه فوجب أن نقطعه ولأنا لو قلنا لا نقطعه أفضى إلى سقوط القطع في السرقة أصلا، فإنه ما من لص إلا ويدعي هذه الدعوى، فيسقط القطع عنه، وما أفضى إلى سقوط حد من حدود الله يسقط في نفسه.
والأول أقوى عندي، لأنه إذا ادعى العين لنفسه، أوقع شبهة ملك له فيها