النسب والموت والملك المطلق فيصير شاهدا به.
فأما إن كان السماع خبر الواحد والعشرة فلا يصير عالما بذلك، لكنه يشهد عند الحاكم بما سمعه، ويكون ههنا شاهد الفرع والذي سمع منه شاهد الأصل فيكون حكمه حكم شاهد الفرع والأصل، فلا يثبت عندنا ما قال الأصل إلا بشاهدين.
فإذا ثبت هذا فإن صاحب المسألة إذا علم الصفة فشهد بها عند الحاكم، فقال زنا فلان ولاط إذا استفسره عن الذي جرحه به، لا يكون قاذفا، سواء أضاف إليه هذا بلفظ القذف أو بلفظ الشهادة، لأنه لا يقصد إدخال المضرة عليه بإضافة الزنا إليه وإنما قصد إثبات صفته عند الحاكم ليبني الحاكم حكمه عليها.
قال قوم إذا قال المزكي هو عدل كفى ذلك في التزكية لقوله " وأشهدوا ذوي عدل منكم " فاقتصر على العدالة فقط، ومنهم من قال لا بد أن يقول عدل علي ولي لأنه بقوله عدل لا يفيد العدالة في كل شئ، وإنما يفيد أنه غلب، كقوله صادق لا يفيد الصدق في كل شئ فافتقر إلى قرينة يزيل الاحتمال ويجعله مطلق العدالة مقبول الشهادة في كل شئ، فيقول عدل علي ولي فلا تبقى هناك ما لا يقبل شهادته فيه والأول أقوى وهذا أحوط.
ولا يقبل هذا منه حتى يكون من أهل الخبرة الباطنة والمعرفة المتقادمة أما الخبرة الباطنة فبشيئين أحدهما أن عادة الانسان أن يستر المعاصي فإذا لم يكن بباطنه خبيرا ربما كان فاسقا في الباطن، والثاني إن كان لا يعرف الباطن من حاله كانت معرفته ومعرفة الحاكم سواء، لأن كل واحد منهما يعرف الظاهر، فلما قلنا لا بد للحاكم من البحث ثبت أنه يبحث لمعرفة الباطن.
وأما المعرفة المتقادمة، لأن الانسان ينتقل من حال إلى حال: يتوب مدة فيعدل، وينقض التوبة أخرى فيفسق، فإذا لم يتقادم معرفته لم يعرف بنقل حاله، فلهذا قلنا لا بد من ذلك.
فإن قالوا هلا قلتم لا يفتقر إلى ذلك كما لم يفتقر الجرح إليه؟ قلنا الفصل