فإذا ثبت أنه لا يقبل ولا يعمل عليه إلا بالشهادة، فالكلام في فصلين في كيفية التحمل وكيفية الأداء:
أما التحمل فإذا كتب القاضي كتابه استدعى بالشهود وقرأه هو عليهم أو دفعه إلى ثقة يقرأه عليهم، فإذا قرأه الغير عليهما فالأولى أن يطلعا فيما يقرأه لئلا يقع فيه تصحيف أو غلط وتغيير، وليس بشرط لأنه لا يقرأه إلا ثقة، فإذا قرأه عليهما أو قرءه الآخر فعليه أن يقول لهما: هذا كتابي إلى فلان والاحتياط أن يقول لهما هذا كتابي إلى فلان، وقد أشهدتكما على ما فيه.
فإذا تحملا عليه الشهادة نظرت، فإن كان قليلا يضبطانه اعتمدا على الحفظ والضبط وإن كان كثيرا لا يمكنهما ضبطه كتب كل واحد منهما نسخة منه يتذكر بها ما شهد به، وقبضا الكتاب قبل أن يغيبا عنه، فإذا وصل الكتاب معهما إليه قرأه الحاكم أو غيره على الحاكم وعليهما، فإذا سمعاه قالا هذا كتاب فلان إليك ولا بد أن يقولا: قد أشهدنا على نفسه بما فيه لأنه قد يكون كتابة إليه ولكن غير الذي أشهدهما على نفسه بما فيه، وسواء وصل الكتاب مختوما أو غير مختوم معنونا أو غير معنون الباب واحد فإن الاعتماد على شهادتهما لا على الخط والختم.
فإن امتحا الكتاب نظرت فإن ضبطا ما فيه لم يضر وإن لم يضبطا ما فيه لم يعمل عليه، فقد ثبت أنه لا بد من تحمل الشهادة وأدائها على ما فصلناه.
فأما إن كتب الكتاب فأدرجه وختمه ثم استدعا بهما فقال هذا كتابي قد أشهدتكما على نفسي بما فيه لم يجز، ولا يصح هذا التحمل ولا يعمل عليه ما لم يقرأ عليهما، وقال بعضهم إذا ختمه بختمه وعنونه جاز أن يتحمل الشهادة عليه مدرجا يشهدهما أنه كتابه إلى فلان، فإذا وصل الكتاب شهدا عنده أنه كتاب فلان إليه فيقرأه ويعمل بما فيه.
قالوا وهذا غلط لأنه تحمل شهادة على ما في كتاب مدرج، فإذا لم يعلما ما فيه لم يصح التحمل كالشهادة في الأملاك وفي الوصايا، فإنه لو أوصى بوصية وأدرج