قاضيا فأشبه قاضي الإمام، ولا فصل بين أن يرضيا به في بلد فيه حاكم سواه أو لا حاكم فيه الباب واحد لأنه إذا كان ذلك إليهما في بلد لا قاضي به كذلك في بلد به قاض.
فإذا ثبت أنه جايز فإذا نظر بينهما فمتى يلزم حكمه في حقهما؟ قال قوم:
بالرضا بما حكم به بعد حكمه وقال آخرون يلزم حكمه بما يلزم به حكم الحاكم وهو إذا أمضاه هو عليهما لما روي عن النبي عليه السلام أنه قال من حكم بين اثنين تراضيا به فلم يعدل بينهما فعليه لعنة الله فلولا أن حكمه بينهما يلزم، ما تواعده باللعن عند الجور.
وفي هذا المعنى قوله تعالى " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " فلولا أنه مما إذا أظهره لزم، لما لحقه الوعيد بكتمانه.
وقال عليه السلام من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيمة بلجام من نار، فلو لا أن علمه يلزم إذا أظهره ما لحقه الوعيد إذا كتمه.
فمن قال لا يلزم بمجرد الحكم كان لكل واحد منهما الخيار ما لم تراضيا به بعد حكمه فإذا تراضيا في ذلك الوقت لزم حكمه وهو الأقوى عندي، لأن عليه إجماعا.
ومن قال يلزم بمجرد حكمه فعلى هذا إذا شرع فيه وقبل أن يكمله فهل لأحدهما الامتناع منه قبل إكماله؟ قال بعضهم له الامتناع، لأنه امتنع قبل حكمه وقال آخرون ليس له الامتناع كالحاكم، ولأنه يفضي إلى أن لا يصح هذا، فإنه متى علم أحدهما أنه يحكم بما لا يؤثره امتنع وانصرف.
فإذا ثبت أنه سائغ جايز ففي الناس من قال يجوز في كل الأحكام إلا أربعة النكاح والقذف واللعان والقصاص، لأن لهذه الأحكام مزية على غيرها فلم يملك النظر فيها إلا الإمام أو من إليه النظر، وقال آخرون يصح في الكل لأن كل من كان له أن يحكم في غير الأربعة جاز فيها كالمولى وعموم الأخبار يقتضي ذلك.
إذا ترافع إلى القاضي خصمان فادعى أحدهما على صاحبه حقا فأنكر، وعلم الحاكم صدق ما يدعيه المدعي، مثل أن كان عليه دين يعلمه الحاكم أو قصاص ونحو