فالتغليظ بالعدد شرط بلا خلاف وأما بالأزمان فعلى وجه الاستحباب بلا خلاف وأما المكان فقال قوم هو شرط كالعدد وقال آخرون ليس بشرط كالزمان وهو الصحيح عندنا.
وأما أصناف الحالفين فينظر، فإن كان الحالف رجلا مسلما فاليمين على ما وصفناه وإن كان الحالف امرأة فهي على ضربين: مخدرة وغير مخدرة فإن لم تكن مخدرة وهي التي تبرز في حوائجها، فإن كانت طاهرة استحلفها في المكان الشريف، كالرجل، وإن كانت حائضا فعلى باب المسجد لأنه لا يجوز للحايض أن تدخل المسجد، وإن كانت مخدرة استخلف الحاكم من يقضي بينها وبين خصمها في بيتها، فإذا توجهت اليمين عليها فهي كالبرزة في التغليظ بالمكان، فإن كانت طاهرا فيستحلفها فيه، وإن كانت حايضا فعلى باب المسجد.
فأما المملوك إذا ادعى على سيده أنه أعتقه، فالقول قول السيد مع يمينه، فإن كانت قيمة العبد القدر الذي يغلظ بالمكان غلظ به، وإن كانت أقل لم يغلظ لأنه استحلاف على مال، لأنه يحلف على استيفاء ملكه بالرق وهو مال، فإن حلف السيد فلا كلام وإن نكل ردت على العبد فيغلظ عليه في المكان قلت قيمته أو كثرت، لأنه يحلف على العتق والحرية فهي يمين على ما ليس بمال ولا المقصود منه المال.
ولا يجلب رجل إلى مكة والمدينة ليستحلف بل يستحلفه الحاكم في الموضع الشريف في مكانه فإن امتنع بجند أو لعز استحضره الإمام ليستحلفه في المكان الأشرف اللهم إلا أن يكون بالقرب من موضعه، وقيل بلد الإمام، قاض يقدر عليه فيستحضره ذلك القاضي ويستحلفه في المكان الأشرف.
وقد قلنا أنه إذا كان بمكة يستحلفه بين الركن والمقام، فإن كانت عليه يمين أنه لا يحلف بين الركن والمقام حلفه في الحجر، فإن الحجر مكان شريف، فإن كان عليه يمين أنه لا يحلف في الحجر حلف عن يمين المقام بين المقام وبين الحجر، وإن كانت عليه يمين أنه لا يحلف في هذا المكان أيضا حلفه بالقرب من البيت في غير هذا المكان، وقال قوم يستحلفه فيه وإن كان في استحلافه حنث في يمينه كما لو حلف أنه