(فصل) * (في موضع اليمين) * الأيمان تغلظ بالمكان والزمان والعدد واللفظ، ووافقنا فيه قوم وخالفنا آخرون وكذلك فيهم من خالف في المكان والزمان دون العدد واللفظ، فقال يحلفه الحاكم حيث توجهت عليه اليمين ولا يعتبر الزمان ولا المكان، والخلاف معه في هل هو مشروع أم لا؟ فعندنا وعند جماعة هو مشروع، وعنده بدعة.
فإذا تقرر هذا فإنه يغلظ في كل بلد بأشرف بقعة فيه، فإن كان بمكة فبين الركن والمقام، وإن كان بالمدينة فعلى منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان في بيت المقدس فعند الصخرة وإن كان بغير هذه البلاد ففي أشرف موضع فيه، وأشرف بقاع البلاد الجوامع والمشاهد عندنا.
فأما التغليظ بالزمان فمشروع لقوله تعالى " تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله " وقيل في التفسير يعني بعد صلاة العصر، وقال صلى الله عليه وآله ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل بايع إمامه فإن أعطاه وفي له به، وإن لم يعطه خانه ورجل حلف بعد العصر يمينا فاجرة ليقطع بها مال امرئ مسلم.
فإذا ثبت أنها تغلظ بالمكان والزمان نظرت في الحق فإن كان مالا أو المقصود منه المال، فالذي رواه أصحابنا لا تغلظ إلا بالقدر الذي يجب فيه القطع، وقال قوم لا تغلظ إلا بما تجب فيه الزكاة وقال آخرون تغلظ بالقليل والكثير، وإن كان الحق لم يكن مالا ولا المقصود منه المال فإنه يغلظ فيه قليلا كان أو كثيرا.
وأما التغليظ بالعدد ففي القسامة يحلف خمسين يمينا ويغلظ بالعدد في اللعان بلا خلاف.
وأما اللفظ فيغلظ به أيضا عند الأكثر يقول " والله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية " أو ما يجري مجراه.