قال قوم لا قطع على واحد منهما، وقال آخرون عليهما القطع، لأنهما اشتركا في النقب والإخراج معا، فكانا كالواحد المنفرد بذلك، بدليل أنهما لو نقبا معا ودخلا فأخرجا معا كان عليهما الحد كالواحد، ولأنا لو قلنا لا قطع كان ذريعة إلى سقوط القطع بالسرقة، لأنه لا يشاء شيئا إلا شارك غيره فسرقا هكذا فلا قطع، والأول أصح لأن كل واحد منهما لم يخرجه من كمال الحرز، فهو كما لو وضعه الداخل في بعض النقب، واجتاز مجتاز فأخذه من النقب فإنه لا قطع على واحد منهما.
فأما إن نقب أحدهما ودخل الآخر فأخرج نصابا، منهم من قال لا قطع عليهما وهو الأصح، وقال قوم عليهما القطع.
إذا نقب واحد وحده فدخل الحرز فأخذ المتاع فرمى به من جوف الحرز إلى خارج الحرز أو رمى به من فوق الحرز أو شده بحبل ثم خرج عن الحرز فجره وأخرجه أو أدخل خشبة معوجة من خارج الحرز فأخرج المتاع فعليه القطع في كل هذا لأنه أخرجه من الحرز وإن كان بآلة.
فإن كان في الحرز ماء يجري فجعله في الماء فخرج مع الماء، فعليه القطع لأنه قد أخرجه بآلة فهو كما لو رمى به، وإن كان معه دابة فوضع المتاع عليها وساقها أو قادها فأخرجها فعليه القطع لأنه أخرجه بآلة، فإن وضعه على الدابة فسارت بنفسها من غير أن يسوقها ولا يقودها قال قوم لا قطع وقال آخرون عليه القطع وهو الأقوى، لأنها خرجت بفعله وهو نقل المتاع عليها، ومن قال لا قطع قال لأن للدابة قصدا وإرادة واختيارا فإذا خرجت كان خروجها بغير فعله فلا قطع، وهذا كما يقول إذا فتح قفصا عن طاير فإن هيجه حتى طار فعليه الضمان، وإن طار بنفسه عقيب الفتح من غير تهييج فعلى قولين كذلك ها هنا.
وإن كان في الحرز ماء راكد فجعل المتاع فيه فانفجر وخرج الماء فخرج المتاع معه، قال قوم عليه القطع لأنه بسبب كان منه، وقال آخرون لا قطع لأنه خرج بغير قصده، فهو كالدابة سواء، وهو الأقوى في نفسي.
فأما إن أخذه فرمى به إلى خارج الحرز فطيرته الريح وأعانته حتى خرج