جلس للفصل بين الناس والإنصاف وأقل ما عليه أن لا يمكن أحدهما من الظلم والحيف.
ولا يجوز له أن يضيف أحد الخصمين دون صاحبه إما أن يضيفهما معا أو يدعهما معا، لما روي أن رجلا نزل بعلي عليه السلام فأدلى بخصومته فقال له على ألك خصم فقال نعم، قال تحول عنا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لا تضيفوا أحد الخصمين إلا ومعه خصمه.
والقاضي بين المسلمين والعامل عليهم يحرم على كل واحد منهم الرشوة لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم، وهو حرام على المرتشي بكل حال وأما الراشي فإن كان قد رشاه على تغيير حكم أو إيقافه فهو حرام، وإن كان لإجرائه على واجبه لم يحرم عليه أن يرشوه كذلك لأنه يستنقذ ماله فيحل ذلك له، ويحرم على آخذه لأنه يأخذ الرزق من بيت المال، وإن لم يكن له رزق قال لهما لست أقضي بينكما حتى تجعلا لي رزقا عليه حل ذلك له حينئذ عند قوم وعندنا لا يجوز بحال.
فأما الهدية فإن لم يكن بمهاداته عادة حرم عليه قبولها، والعامل على الصدقات كذلك لما روي عن النبي عليه السلام أنه قال هدية العمال غلول وفي بعضها هدية العمال سحت.
وروى أبو حميد الساعدي قال استعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا من الأسد يقال له أبو البنية وفي بعضها أبو الأبنية على الصدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام النبي عليه السلام على المنبر فقال: ما بال العامل نبعثه على أعمالنا يقول هذا لكم وهذا أهدي لي، فهلا جلس في بيت أبيه أو في بيت أمه ينظر يهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيدي لا يأخذ أحد منها شيئا إلا جاء يوم القيمة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة له خوار أو شاة لها تنعر ثم رفع يده حتى رأينا عقرة إبطيه ثم قال اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت.