شهادة الزور معصية كبيرة من أعظم الكباير روى خريم بن فاتك قال: صلى رسول الله صلاة الصبح فلما انصرف قام قائما فقال: عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ثلاث مرات ثم تلا قوله تعالى: فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور.
وروي عنه عليه السلام أنه قال إن شاهد الزور لا يزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار.
ويجب بها التعزير والشهرة إذا تحقق ذلك وإنما يعلم ذلك قطعا بإقراره بذلك أو بأن يشهد شاهدان عند الحاكم أن فلانا فجر بفلانة مع الزوال يوم الفطر بالكوفة أو قتل فلانا في هذا الوقت بالكوفة وكان المشهود عليه في هذا الوقت بحضرة الحاكم ببغداد فيعلم القاضي قطعا أنهما كذبا عليه، وإنما شهدا بالزور فأما فيما تعارضت به البينتان مثل أن شهدا عنده بذلك، وشهد آخران أن المشهود عليه كان في ذلك الوقت بالبصرة أو بخراسان، فلا يعلم الصادق منهما، أو كان الشاهدان فاسقين أو كافرين أو عبدين فردت شهادتهما لذلك، ولم يعلم كذبهما، فكل هذا لا يوجب تعزيرا ولا عقوبة لجواز أن يكونا صادقين فيما شهدا به، لكنها ردت لمعنى في الشاهد.
فإذا ثبت ذلك قطعا فالعقوبة التعزير والشهرة والتعزير يكون بما دون الحد.
روي عنه عليه السلام أنه قال لا يبلغ بالحد في غير حد، وهو إلى اجتهاد الإمام يعزره بحسب ما يراه ممن وجب عليه من القوة والضعف فإن كان ممن لا يحتمل الضرب أصلا حبسه أو وبخه وقرعه وينبغي أن يشهر ويظهر للناس ليشيع فيهم ويعرف به في الموضع الذي يعرف فيه، فينادي عليه فيه إما في سوقه أو محلته أو مسجده أو قبيلته بحسب ما يكون معروفا في هذه المواضع.
فإذا أتى به رسول الحاكم إلى هذا المكان قال: أنا رسول الحاكم إليكم ويقول وجدنا هذا شاهد زور فاعرفوه، فهذا قدر شهرته، ولا يحلق رأسه ولا يركب ولا يطاف به ولا ينادي هو على نفسه وفيه خلاف وقد روي في أخبارنا أنه يركب وينادى عليه.
إذا ترافع نفسان إلى رجل من الرعية فرضيا به حكما بينهما وسألاه أن يحكم لهما بينهما جاز وإنما يجوز أن يرضيا بمن يصلح أن يلي القضاء وهو أن يكون من أهل العدالة والكمال والاجتهاد، على ما شرحناه من صفة القاضي، لأنه رضي به