وجملته أن كل عمل جاز أن يفعله الغير عن الغير تبرعا جاز أن يفعله بعقد إجارة كالخياطة والبناء، وكل عمل لا يفعله الغير عن الغير وإذا فعله عن نفسه عاد نفعه إلى الغير جاز أخذ الرزق عليه دون الأجرة كالقضاء والخلافة والإمامة والإقامة و الأذان والجهاد.
وقالوا لا يجوز أخذ الأجرة عليه وأجاز أصحابنا ذلك، وأجاز قوم أخذ الأجرة على القضاء وهو فاسد عندنا.
وكل ما لا يفعله الغير عن الغير وإذا فعله عن نفسه لم يعد نفعه إلى الغير لم يجز أخذ الأجرة عليه ولا أخذ الرزق كالصلاة المفروضات والتطوع وكذلك الصيام.
فإذا ثبت أنه يأخذ الرزق فإنه يأخذه من بيت المال لأنه معد للمصالح، وهذا منها، ويجعل له مع الرزق شيئا لقراطيسه التي يكتب فيها المحاضر والسجلات، لأن ذلك من المصالح، وفيه فوايد يحفظ به الوثايق ويتذكر به الشاهد شهادته، والحاكم حكمه، ويرجع بالدرك على من يرجع بالدرك عليه.
وإن لم يكن في بيت المال مال أو كان هناك ما هو أهم منه قال الحاكم لمن ثبت له الحق إن اخترت أن تأتي بكاغذ أكتب فيه المحضر أو السجل والشهادة فافعل ولا أكرهك عليه لأنه وثيقة لك، فإن أراد ذلك كان الكاغذ على من له الحجة من المدعي والمدعى عليه، كما قلنا في كتاب الشراء يكون على المشتري لأنه حجة على البايع، فكان عليه دون البايع كذلك ههنا.
* * *