وأعمل صالحا فأنكر عليه فرجع عنه.
وقيل في قوله " فيما طعموا " تأويلان أحدهما أراد الخمر لكنه رفع تلك الإباحة ونسخت، وقيل طعموا يعني الطيبات من الرزق الحلال.
فإذا ثبت تحريمها فمن شربها كان عليه الحد قليلا شرب أو كثيرا لقوله عليه السلام إذا شرب الخمر فاجلدوه.
فإذا ثبت هذا فإن شرب ثم شرب فتكرر هذا منه، وكثر قبل أن يقام عليه الحد، حد للكل حدا واحدا لأن حدود الله إذا توالفت تداخلت، وإن شرب فحد ثم شرب فحد ثم شرب فحد ثم شرب رابعا قتل في الرابعة عندنا، وعندهم يضرب أبدا الحد.
فأما بيان الأشربة المسكرة وأنواعها، فالخمر مجمع على تحريمها، وهو عصير العنب الذي اشتد ومنهم من قال: إذا اشتد وأسكر وأزبد، فاعتبر أن يزبد، والأول مذهبنا فهذا حرام نجس يحد شاربها سكر أم لم يسكر بلا خلاف، وأما ما عداها من الأشربة وهو ما عمل من العنب فمسته النار والطبخ أو من غير العنب مسه طبخ أم لم يمسه، فكل شراب أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام، وكل عندنا خمر حرام نجس يحد شاربه سكر أو لم يسكر، كالخمر سواء، وسواء عمل من تمر أو زبيب أو عسل أو حنطة أو شعير أو ذرة، فالكل واحد نقيعه ومطبوخه هذا عندنا وعند جماعة وفيه خلاف.
فإذا ثبت أن كل مسكر حرام فإنها غير معللة عندنا بل محرمة بالنص لأن التعليل للقياس عليه، وذلك عندنا باطل، ومن وافقنا في تحريمها عللها فقال قوم العلة هي الشدة المطربة، ومعناه شراب مسكر، وقال قوم حرمت بعينها لا لعلة فالتحريم تعلق عنده بالتسمية لا لمعنى سواه.
وفايدة الخلاف أنه إذا عرف معناها قيس عليها سائر المسكرات ومن لا يعللها لم يقس عليها، غير أنهم قالوا نقيع التمر والزبيب حرام لعلة أخرى عندهم، وقد بينا أنا لا نحتاج إلى ذلك لأنا نحرم الجميع بالنص.