إنه يرجح به الشاهدان.
وأما إن كان لأحدهما شاهدان وللآخر شاهد واحد، وقال أحلف مع شاهدي وأساويه قال قوم يساويه، وقال آخرون لا يساويه، وهو الأصح عندنا، وهكذا لو كان مع أحدهما شاهد وامرأتان، ومع الآخر شاهد، وقال أحلف مع شاهدي الباب واحد، عندنا يرجح الشاهدان، والشاهد والمرأتان على الشاهد واليمين، وقال قوم لا يرجح.
إذا شهد له بما يدعيه شاهدان فقال المشهود عليه: إحلفوه لي مع شاهديه، لم يحلفه عندنا وعند الأكثر، وفيه خلاف، فإن كانت بحالها فشهد له شاهدان بالحق فقال المشهود عليه صدقا، غير أني ملكت ذلك منه أو قال أبرأني منه أو قضيته إياه حلفناه له، لأن هذه دعوى أخرى، وهو أنه يدعي أنه برئ من الحق، فيكون القول قول المدعا عليه.
هذا كله إذا كان المشهود عليه ممن يعبر عن نفسه، فأما إن كان ممن لا يعبر عن نفسه كالصبي والغايب والميت، فإنا نستحلفه مع شاهديه، لأنه لو عبر عن نفسه أمكن أن يذكر ما يجب به اليمين على المشهود له، فلهذا حلفناه احتياطا.
لا تصح الدعوى إلا معلومة في سائر الحقوق إلا الوصية، فإنه يصح أن يدعي مجهولة، فيقول أوصى لي بخاتم أو بثوب أو عبد أو بمال، لأنه لما صح أن يوصي بمجهول ويقبل ويملك المجهول، صح له أن يدعيها مجهولة، ويفارق سائر الحقوق لأنه لما لم يصح العقد على مجهول ولا يملك المجهول لم يصح الدعوى مجهولة.
فإذا ثبت أن الدعوى فيما عدى الوصية لا تصح إلا معلومة فإذا ادعى معلوما فهل يفتقر إلى الكشف بعد هذا أم لا؟ ينقسم ثلاثة أقسام ما لا يفتقر إلى كشف، وما لا بد فيه من كشف، وما اختلف فيه.
فأما ما لا يفتقر إلى كشف فالأملاك المطلقة، مثل أن يدعي الدين والعين مثل الدابة والدار والعبد والثوب، فإذا قال لي كذا وكذا، سمعناها ولم يكلفه الحاكم أن يكشف عن أسباب الملك، لأن جهات الملك وأسبابه تكثر وتتسع من الإرث