فإذا ثبت أنه لا يقبل قوله وحده فيه، فهل يكون قوله بمنزلة شاهد واحد شهد به حتى إذا شهد به معه غيره عند حاكم آخر ثبت شهادتهما، قال قوم لا يقبل أصلا وقال بعضهم يكون كالشاهد الواحد وإن كان على فعله كشهادة المرضعة، والأول أصح عندنا لأنها شهادة على فعله كما لو قال بعته من زيد لم يقبل منه.
ويفارق المرضعة، لأنه ليس فيما تذكره تزكية نفسها، بدليل أن ما ذكرته يصح من فاسقة وعدل وحرة ومملوكة، فلهذا قبل قولها، وليس كذلك في مسئلتنا لأن فيما أخبر به تزكية نفسه، لأن تحت قوله أنا حكمت أي أنا أمين ثقة فيما أخبرت به.
ولأنه ليست شهادتها على فعل نفسها، فإن الحكم الذي يتعلق بالرضاع غير فعلها، وهو حصول اللبن في جوف الصبي بدليل أنه لو شرب منها وهي نائمة لنشر الحرمة وههنا شهادة على فعل نفسه، وعندنا أن شهادة المرضعة لا يقبل أصلا فسقط ما قالوه.
هذا إذا قال بعد العزل حكمت بكذا فأما إن قال أقر فلان لفلان بكذا، قبل وكان شاهدا لأنه إخبار عن فعل غيره لا فعل نفسه، فأما إن قال بعد العزل حكم حاكم نافذ الحكم على ذلك بكذا، قال بعضهم يكون شاهدا لأنه شهد على فعل غيره، وقال آخرون لا يقبل لجواز أن يكون إخبارا عن حكم نفسه، لكنه أبهمه ولم يفسره وهو الأقوى.
وجملته أن فيما يخبر به بعد عزله ثلاث مسائل: إن قال حكمت لم يقبل وهل يكون به شاهدا؟ فعلى وجهين. وإن قال أقر فلان عندي بكذا، كان شاهدا واحدا وإن قال حكم به حاكم فعلى وجهين أقواهما أنه لا يقبل في الموضعين.
كل من لا يقبل شهادته لم يصح حكمه له، وهم الوالدون آباؤه وأمهاته و إن علوا وولده وولد ولده ذكرا كان أو أنثى، وإن سفلوا، وقال بعضهم يجوز ذلك ويصح وهو الذي يقتضيه مذهبنا فأما من عدا العمودين من أقاربه فالحكم لهم صحيح كالشهادة.