الصنايع الدنية سقطت مروته ولم تقبل شهادته، وقال آخرون وهو الأصح عندنا أن شهادتهم تقبل لقوله تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقيكم ".
وأما الحايك فحاله أحسن من حال هؤلاء، فمن قبل شهادة أولئك قبل شهادته ومن لم يقبل قال بعضهم تقبل شهادته، وهو الأقوى عندي، وقال آخرون لا تقبل.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أكذب الناس الصباغون والصواغون، واختلفوا في تأويل هذا، فقيل أراد به أنهم أكذب الناس، لأنهم يخلفون المواعيد ويقولون غدا نعطي وبعد غد، فيكذبون في ذلك.
وقيل أراد أنهم يقولون ما لا يفعلون، فإن الصباغ يقول أصبغ هذا فاختيا وليس يصبغه كذلك، وإنما يصبغ مثله والصايغ يقول أصوغ هذا طايرا وإنما يصوغ مثله فلا ترد شهادة هؤلاء لأجل صنايعهم، ولكن إن تكرر منهم الكذب وكثر، فسقوا بذلك وسقطت شهادتهم، وإن كان قليلا لم يؤثر في الشهادة.
قد ذكرنا أنه لا تقبل إلا شهادة المسلم العدل وإسلامه يثبت بأحد ثلاثة أشياء إما أن يعرف ذلك الحاكم منه أو يقوم بينة بذلك أو يقر هو بأنه مسلم، وأما العدالة فيحتاج أن تثبت عنده عدالته في الظاهر والباطن، على ما ذكرناه فيما قبل، ولا يقتصر في معرفة ذلك على الظاهر ومن راعى الحرية، قال يحتاج أن يثبت عنده معرفتها ظاهرا وباطنا، ولا يقتصر في معرفة ذلك على الظاهر، وإن أقر الشاهد أنه حر لم يقبل ذلك ولا يحكم بحريته بإقراره.
كل من يجر بشهادته نفعا إلى نفسه أو يدفع ضررا عنها، فإن شهادته لا تقبل، فالجار إلى نفسه هو أن يشهد الغرماء للمفلس المحجور عليه أو يشهد السيد لعبده المأذون له في التجارة، والوصي بمال الموصي، والوكيل بمال الموكل والشريك والدافع عن نفسه هو أن تقوم البينة على رجل بقتل الخطأ فشهد اثنان من عاقلة الجاني فجرح الشهود أو قامت البينة بمال على الموكل وعلى الموصي فشهد الوكيل والوصي