فأما إن طلب أحدهما أن يقسم السفل بينهما على الانفراد، ثم العلو بينهما على الانفراد يجبر الممتنع عليها.
وإن كان بينهما أرض فيها زرع فطلب أحدهما القسمة فإما أن يطالب بقسمة الأرض أو الزرع أو قسمتهما معا فإن طلب قسمة الأرض دون غيرها أجبرنا الآخر عليها على أي صفة كان الزرع حبا أو قصيلا أو سنبلا قد اشتد، لأن الزرع في الأرض كالمتاع في الدار، وكون المتاع في الدار لا يمنع القسمة فالزرع مثله، وأما إن طالب قسمة الزرع وحده لم يجبر الآخر عليه، لأن تعديل الزرع بالسهام لا يمكن.
وأما إن طلب قسمتها مع زرعها لم يخل الزرع من ثلاثة أحوال إما أن يكون بذرا أو حبا مستترا أو قصيلا، فإن كان حبا مدفونا لم تجز القسمة، لأنا إن قلنا القسمة إفراز حق فهو قسمة مجهول ومعلوم فلا يصح، وإذا قلنا بيع لم يجز مثل هذا، وإن كان الزرع قد اشتد سنبله وقوي حبه فالحكم فيه كما لو كان بذرا وقد ذكرنا، وإن كان قصيلا أجبرنا الممتنع عليها، لأن القصيل فيها كالشجر فيها، ولو كان فيها شجر قسمت شجرها كذلك ههنا.
إذا ادعى أحد المتقاسمين أنه غلط عليه في القسمة، وأعطي دون حقه، لم يخل القسمة من أحد أمرين إما أن يكون قسمة إجبار أو تراض، فإن كانت قسمة إجبار وهو أن يكون الحاكم نصب قاسما يقسم بينهما، لم يقبل دعواه لأن القاسم أمين، فلا يقبل قوله عليه فيما طريقه الخيانة، ولأن الظاهر أنها وقعت على الصحة فلا يقبل قول من ادعى الفساد.
فإن قال فاحلفوه لي أني لا أستحق في يده فضل كذا، حلفناه، لأنه يحتمل ما يدعيه، وإن أتى بالبينة من أهل الخبرة بالقسمة بما يدعيه سمعها الحاكم، لأن البينة أولى من قوله، فإذا ثبت ما يدعيه حكمنا بالبطلان، لأنه إفراز حق وقد بان أنه خالف النص.