وروي عن عايشة أنها قالت كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر وكان عبد الله بن رواحة جيد الحداء وكان مع الرجال، وكان أنجشة مع النساء فقال النبي صلى الله عليه وآله لعبد الله ابن رواحة حرك بالقوم، فاندفع يرتجز فتبعه أنجشة فاعتنقت الإبل فقال عليه السلام لأنجشة رويدك رفقا بالقوارير، يعني النساء.
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله كان في سفر فأدرك ركبا من تميم معهم حاد، فأمرهم بأن يحدو وقال إن حادينا نام آخر الليل، فقالوا يا رسول الله نحن أول العرب حداء بالإبل، قال وكيف؟ قالوا كانت العرب تغير بعضها على بعض فأغار رجل منا على إبل فاستاقها فتبددت الإبل، فغضب على غلامه فضربه بالعصا فأصابت يده، فنادى وا يداه فجعلت الإبل تجتمع فقال له هكذا فقل يعني قل وايداه فقال والنبي يضحك: فقال من أنتم قالوا من مضر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن من مضر، فكيف كنتم أول العرب؟ فانتسب رسول الله صلى الله عليه وآله تلك الليلة حتى بلغ بالنسب إلى مضر، وضحك النبي صلى الله عليه وآله من قولهم نحن أول العرب حداء ثم قالوا نحن من مضر، فقال النبي صلى الله عليه وآله ونحن أيضا من مضر فكيف كنتم أول العرب حداء.
فأما الكلام في الشعر فهو مباح أيضا، ما لم يكن فيه هجو ولا فحش، ولا تشبيب بامرأة لا يعرفها، ولا كثرة الكذب على كراهية رواها أصحابنا في ذلك.
روى عمرو بن الشريد عن أبيه قال أردفني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شئ؟ قال: قلت، نعم، قال: هيه قال، فأنشدته بيتا فقال هيه، فأنشدته حتى بلغت مائة بيت.
هيه معناه الحث والاستزادة، وأصله إيه فقلبت الهمزة هاء فقيل هيه، وإذا وقفت قل هيه من غير تنوين، فإذا وصلت قلت إيه حديثا وإذا كففت وزجرت قلت إيها، وإذا تعجبت قلت واها فهي أربع كلمات: إيه استزادة، وإيها كف وزجر، وويها إغراء، وواها تعجب.
وروى جابر بن سمرة قال، كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر من مائة مرة وكان أصحابه ينشدون الأشعار ويذكرون أخبار الجاهلية قديما.