رؤس الخط حصا يلعبون بها.
الغناء من الصوت ممدود، ومن المال مقصور كما أن الهواء من الجو ممدود ومن النفس مقصور، فإذا ثبت هذا فالغناء عندنا محرم يفسق فاعله، وترد شهادته، وقال بعضهم هو مكروه، فأما ثمن المغنيات فليس بحرام إجماعا لأنها تصلح لغير الغناء من الاستمتاع بها وخدمتها، ومن قال الغناء مباح استدل بما روي عن عايشة أنها قالت كانت عندي جاريتان تغنيان فدخل أبو بكر فقال من قرر الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله دعها فإنها أيام عيد، وقال عمر الغناء زاد الراكب، وكان لعثمان جاريتان تغنيان بالليل، فإذا جاء وقت السحر قال أمسكا، فهذا وقت الاستغفار قالوا وهذا كله محمول على نشيد الأعراب مثل الحدا وغير ذلك، وعندنا أن هذه أخبار آحاد لا يلتفت إليها وفعل من لا يجب اتباعه، وقد قلنا إن عندنا ترد به شهادته.
وقال بعضهم ها هنا ثلاث مسائل أحدها إذا اتخذ الغنا صناعة يؤتا عليه ويأتي له، ويكون منسوبا إليه مشهورا به، والمرأة كذلك، ردت شهادتهما، لأنه سفه وسقوط مروة، ولو كان لا ينسب نفسه إليه وإنما يعرف أنه يطرب في الحال فيترنم فيها ولا يؤتى لذلك ولا يأتي له ولا يرضى به لم تسقط شهادته وكذلك المرأة.
الثانية إذا اتخذ الرجل غلاما أو جارية مغنيين، فإن كان يجتمع عليهما ويغشاهما الناس فهذا سفه ترد به شهادته، وهو في الجارية أكثر، لأن فيه سفها ودناءة وإن كان لا يجتمع عليهما ولا يغشاهما الناس، كره ذلك له، ولم ترد شهادته، لأنه لم يسقط مروته.
الثالثة إذا كان يغشى بيوت الغناء ويغشاه المغنون للسماع منه، فإن كان في خفية لم ترد شهادته، وإن كان ذلك منه مستعلنا به ظاهرا، فإن قل ذلك منه لم ترد به شهادته وإن كان ذلك منه كثيرا ردت شهادته، لأنه سفه وترك مروة.
وجملته عندهم أن الأصوات على ثلاثة أضرب مكروه ومحرم ومباح، فالمكروه صوت المغني والقصب معا، لأنه وإن كان بآلة فهو تابع للصوت والغنا، فلهذا كان