وإن كان القسمة تراضيا كالعلو لأحدهما والسفل للآخر، أو كان فيها رد لم يخل من أحد أمرين إما أن اقتسما بأنفسهما أو يقسم بينهما قاسم الحاكم.
فإن اقتسما بأنفسهما لا يلتفت إلى قول المدعي لأنه إن كان مبطلا سقط قوله وإن كان محقا فقد رضي بترك هذه الفضلة له، فلا معنى لرجوعه فيها.
وإن كان القاسم بينهما قاسم الحاكم، فمن قال يلزم بالقرعة قال الحكم فيها كقسمة الإجبار، وقد مضى، ومن قال لا يلزم إلا بتراضيهما بعد القرعة فالحكم كما لو تراضيا من غير حاكم.
إذا كانت يدهما على ضيعة ثلاثين جريبا فاقتسماها نصفين فبان ثلثها مستحقا فإن المستحق يتسلم حقه.
وأما القسمة فلا يخلو المستحق من أحد أمرين إما أن يكون معينا أو مشاعا فإن كان معينا نظرت فإن حصل في سهم أحدهما بطلت القسمة لأن الإشاعة عادت إلى حق شريكه، وذلك أن القسمة تراد لإفراز حقه عن حق شريكه، فإذا كان بعض ما حصل له مستحقا كان حقه باقيا في حق شريكه.
فأما إن وقع المستحق في نصيبهما معا، نظرت، فإن وقع منه مع أحدهما أكثر مما وقع مع الآخر بطلت القسمة أيضا لما مضى، وإن كانا فيها سواء من غير فضل، أخذ المستحق حقه وينصرف وكانت القسمة في قدر الملك الصحيح صحيحة، لأن القسمة لإفراز الحق، وقد أفرز كل واحد منهما حقه عن حق شريكه.
هذا إذا كان المستحق معينا وأما إن كان مشاعا في الكل بطلت في قدر المستحق ولم تبطل فيما بقي، وقال قوم تبطل فيما بقي أيضا والأول مذهبنا، والثاني أيضا قوي، لأن القسمة تميز حق كل واحد منهما عن صاحبه، وقد بان أنه على الإشاعة.
والعلة الجيدة في ذلك أنهما اقتسماها نصفين، وثلثها لثالث غايب، ومن قسم ما هو شركة بينه وبين غيره بغير حضوره كانت القسمة باطلة، ويفارق هذا البيع