وعندهم بلا شرط، وقد يسبى صغيرا فيقدم والده مسلما فيستلحقه، اللهم إلا أن يكون المدعي عربيا فإنه لا يسترق عند بعضهم العربي، فعلى هذا تزال عنه يد مولاه ويتسلمه أبوه.
فإن كان مجهول النسب بالغا فادعاه رجل مملوكا، فإن أجابه إلى ما ادعاه وأقر بذلك له، حكم بأنه مملوكه، وإن أنكر ذلك، فالقول قوله، لأن الأصل الحرية، فإن تنازعه نفسان فادعى كل واحد منهما أنه عبده، وأقاما بذلك بينة فهما متعارضتان، فإن أقر هذا المتنازع فيه لأحدهما بما يدعيه، وقال أنا مملوك هذا، لم يقدم بينته باعترافه، لأنه لا يد له على نفسه، لأنه إن كان حرا لم يصح إقراره بالعبودية، وإن كان مملوكا فلا يد له على نفسه.
فأما إن كان مميزا عاقلا لكنه غير بالغ، فادعاه رجل مملوكا وأنكر الصبي ذلك، وامتنع، ولم نعرف سبب يد المدعي، غير أننا رأيناهما الآن يتنازعان ذلك، قال قوم لا يقضى له به، لأنه يعرب عن نفسه كالبالغ، ومنهم من قال يقضى له به، لأنه لا حكم لكلامه، كالطفل الذي لا يتكلم، والأول أقوى عندنا لأن الأصل الحرية.
إذا كانت دار في يد رجل لا يدعيها لنفسه، فتنازع فيها نفسان فقال أحدهما كلها لي، وأقام بذلك بينة، وقال الآخر نصفها لي وأقام بذلك بينة، خلص لمن له البينة بكلها نصفها، لأن له بذلك بينة، ولا يدعيه أحد، وتعارضت البينتان في النصف الآخر، فإما أن يسقطا أو يستعملا.
فمن قال يسقطان، فكأنه لا بينة لواحد منهما في ذلك، ولكن البينة التي شهدت له بالكل قد سقطت في النصف، وقال قوم يسقط في النصف الآخر كما لو شهدت به، فردت للتهمة في نصفه، فإنه يرد في النصف الآخر، وقال آخرون لا يرد وهو الصحيح عندنا، لأن الشهادة ما ردت ههنا للتهمة، وإنما سقطت للتعارض، وهذا لا يسقطها لأنا إذا قلنا يستعملان قسمنا بينهما فأعطينا كل واحد منهما نصف ما شهدت له به، فلا يقال يسقط البينة لأنا لم نقبلها في الكل مع أنا قد بينا فيما تقدم أن الشهادة إذا ردت في البعض للتهمة لم ترد في البعض الذي لا تهمة فيه عندنا.