وهذا مذهبنا غير أن أصحابنا رووا أنه لا يقر في بلده، وينفى عن بلاد الاسلام كلها فإن قصد بلاد الشرك قيل لهم لا تمكنوه، فإن مكنوه قوتلوا عليه حتى يستوحش فيتوب.
وإن قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا، والقتل ينحتم عليهم، ولا يجوز العفو عنهم وإنما يكون منحتما إذا كان قصده من القتل أخذ المال وأما إن قتل رجلا لغير هذا فالقود واجب غير منحتم، وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف فمتى ارتكبوا شيئا من هذا نفوا من الأرض، ونفيهم أن يتبعهم أينما حلوا كان في طلبهم، فإذا قدر عليهم أقام عليهم الحدود التي ذكرناها.
وقال قوم الإمام مخير فيه بين أربعة أشياء بين أن يقطع يده ورجله من خلاف، ويقتل أو يقطع من خلاف ويصلب، وإن شاء قتل ولم يقطع، وإن شاء صلب ولم يقطع، والأول مذهبنا، ونشرحه فضل شرح:
وجملته أن من شهر السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق، فإنه يعزر لذلك على ما قلناه، وإذا قتل غسل وكفن وصلي عليه كساير الأموات فأما الصلب فإنه يضرب رقبته أولا ثم يصلب ثلاثا لا أكثر منه، وينزل ويغسل ويكفن و يصلى عليه، وقال بعض الصحابة لا ينزل ويترك حتى يسيل صديدا وقال بعضهم يصلب حيا ويترك حتى يموت، ومنهم من قال يصلب حيا ويبعج بطنه برمح، وهذا أغلظ في الزجر.
وأما قطع يديه ورجليه من خلاف يقطع يده اليمنى أولا ويحسم بالنار، ثم يقطع الرجل بعدها، ويوالي بين القطعين، ولا يؤخر ذلك، لأنه حد واحد، فلا يفرق في وقتين كحد الزنا.
وأما قوله " أو ينفوا من الأرض " معناه إذا وقع منهم في المحاربة ما يوجب شيئا من هذه العقوبات يتبعهم الإمام أبدا حتى يجده، ولا يدعه يقر في مكان، هذا هو النفي من الأرض عندنا، وعند قوم المنفي من قدر عليه بعد أن يشهر السلاح وقبل أن يعمل شيئا، والنفي عنده الحبس، والأول مذهبنا.