مسائله أن يسألوا عنه جيران بيته ودكانه وأهل سوقه ومسجده، ويكون المسألة عنه سرا لأنه ليس المقصود هتك الشهود، فإذا كان جهرا ربما انكشف عليه ما يفتضح به ولأنه إذا كان جهرا ربما توقف المزكي عن ذكر ما يعرفه فيه حياء، ومراعاة حق، ولأنه قد يخاف المشهود عليه فيبقى سرهما.
فإذا ثبت أن المسألة يكون سرا، فإنه يعطي كل ذلك إلى صاحب مسائله، ويكتم من كل واحد منه ما دفعه إلى الآخر لئلا يتواطئا على تزكية أو جرح بما لا أصل له.
فإذا ثبت هذا فالحاكم بالخيار بين أن يطلق هذا إلى أصحاب مسائله ويفوض المسألة إليهم، وبين أن يبعث كل واحد إلى رجل يعرفه الحاكم من جيرانه ومخالطيه وأهل الخبرة والمعرفة به، فإذا ثبت هذا فالكلام في كيفية المسألة يأتي إن شاء الله.
وينبغي أن يحرص الحاكم إذا بعث بصاحب مسألة ألا يعرف ويكون مجهولا عند المدعي والمدعى عليه والشاهد، لأن المدعي ربما رشاه ليزكي المجروح والمدعى عليه يرشوه ليجرح المزكى، والشاهد يرشوه ليثني عليه ويزكيه.
والمستحب أن يكون صاحب مسائله جامعا للعفاف في طعمه، لأن من لم يتق أكل الحرام لا يتق الكذب وترك الصدق، ويكون جامعا للعفاف في نفسه من ترك وفعل كالغضب والمعاصي، لأن من لم يصبر نفسه عن المعاصي لا يوثق بتزكيته ويكون وافر العقل لئلا يخدع، بريئا من الشحناء والميل إلى قوم دون قوم لأنه يخفى من عدوه حسنا ويذكر قبيحا، ولا يكون من أهل الأهواء فيميل على من خالفه، ويخفف عمن وافقه، ولا يكون من أهل اللجاج، ويكون ثقة أمينا في دينه لأنه موضع أمانة.
ولا يستعمل فيه أهل الخيانة ولا يقبل التعديل والجرح إلا من اثنين وهو أحوط عندنا، وقال بعضهم يجوز أن يقتصر على واحد لأنه إخبار، وقال بعضهم العدد معتبر فيمن يزكي الشاهدين، ولا يعتبر في أصحاب مسائله، فإذا عاد إليه صاحب مسئلته فإن جرح توقف في الشهادة، وإن زكاه بعث الحاكم إلى المسؤول عنه، فإذا