هناك قال قوم يقسمه بينهما، وقال آخرون لا يقسمه، وسواء كان ذلك مما ينقل ويحول أو لا ينقل ولا يحول، وسواء قالا ملكنا إرثا أو بغير إرث.
وقال بعضهم إن كان مما ينقل ويحول قسمه بينهما، وإن كان مما لا ينقل فإن قالا بالميراث بيننا لم يقسم، وإن قالا غير ميراث قسمه بينهما، والأول أقوى عندنا.
القسمة ضربان قسمة إجبار وقسمة تراض، فإن كانت قسمة إجبار نظرت في القاسم، فإن كان قاسم الإمام لزمت بالقرعة، لأن قرعة القاسم كحكم الحاكم لأنه يجتهد في تعديل السهام كما يجتهد الحاكم في إطلاق الحق، وإن كان القاسم رجلا ارتضوا به حكما وقاسما فالحكم فيه كالتراضي بحاكم يحكم بينهما، ولو تراضيا بحاكم يحكم بينهما بماذا يلزم الحكم؟ قال قوم بمجرد الحكم، وقال آخرون بالتراضي بعد الحكم كذلك ها هنا: قال بعضهم يلزم بالقرعة وقال غيره بالتراضي بعد القرعة، وهو الأقوى عندنا في الموضعين.
وإن كانا هما اللذان توليا ذلك بينهما من غير قاسم، فعدلا وأقرعا فإنها لا يلزم إلا بالتراضي بعد القرعة، لأنهما تقاسما من غير قاسم.
هذا الكلام في قسمة الإجبار فأما قسمة التراضي وهي التي فيها رد أو لا رد فيها مثل أن تراضيا أن يكون السفل لأحدهما والعلو للآخر، فهل يلزم بالقرعة أم لا؟
قال بعضهم يلزم كقسمة الإجبار، وقال آخرون لا يلزم بالقرعة، لأن القرعة ها هنا ليعرف البايع الذي يأخذ الرد، والمشتري الذي يدفع الرد، لأنا نجهل هذا قبل القرعة، فإذا تميز هذا بالقرعة حينئذ اعتبرنا التراضي بعد القرعة على البيع والشراء وهذا هو الأقوى وإن نصبا حكما فالحكم على ما مضى، وإن كان بأنفسهما فالحكم على ما مضى.