فإنه بينهما لأن كل واحد منهما ينتفع به من وجه كذلك ههنا.
فإن تنازعا دارا يدهما عليها، فقال كل واحد منهما الدار كلها لي حلف كل واحد منهما لصاحبه على ما يدعيه وجعلت بينهما نصفين.
إذا تنازعا دارا يدهما عليها فقال كل واحد منهما كله مالي، وكل واحد إنما يدعي ما يدي صاحبه عليها، فيحلف على ما يدعيه وهو النصف، ولا يحلف على الكل، وإن كان في دعواه الكل لأن مقتضاه دعوى النصف، فهو كرجل ادعى نصف دار في يد رجل، فالقول قول المدعى عليه في نصفها، ولا يحلف على أكثر منه، كذلك ههنا، لا يحلف على ما لا يد له عليه.
فإن تنازعا عمامة يد أحدهما على ذراع منها وباقيها في يد الآخر، حلف كل واحد منهما لصاحبه، وكانت بينهما نصفين، لأن لكل واحد منهما عليها يدا بدليل أن من يده على القليل لو كان باقيها مطروحا على الأرض فادعاها غيره، كان القول قوله، ثبت أن لكل واحد منهما يدا عليها بالسوية، وإن كان ما في يد أحدهما أكثر، فهو كما لو تنازعا دارا وهما فيها وأحدهما في صفة كبيرة والآخر في صفة صغيرة كانت بينهما سواء.
فإن غصب رجل من رجل دجاجة فباضت بيضتين، واحتضنتها هي أو غيرها بنفسها أو بفعل الغاصب، فخرج منها فرخان، فالكل للمغصوب منه، وقال بعضهم إن باضت عنده بيضتين واحتضنت الدجاجة واحدة منهما، ولم يعرض الغاصب لها كان للمغصوب منه ما يخرج منها، ولو أخذ الأخرى فوضعها هو تحتها أو تحت غيرها ثم خرج منها فروخ كان الفروخ للغاصب وعليه قيمته، والأول أصح عندنا.
فإن ادعى على رجل ألفا فأنكر فأقام المدعي بينة فقال المدعى عليه صدقت البينة هي علي إلى أجل لم يقبل قوله، لأنه حق ثبت عليه بالبينة فلا يتغير بقوله ويفارق هذا ما ثبت باعترافه، لأنه ثبت باعترافه فصح أن يسقط بقوله كالاستثناء.
وفرق بين ما ثبت بالبينة عليه وبين ما ثبت بقوله، ألا ترى أن البينة لو قامت عليه بألف فقال هي علي إلا تسعمائة لم يقبل منه استثناه ولو ابتدأه بذلك من