ومثال هذا على مذهب الخصم لو ادعى على رجل أنه غصب منه عبدا فأنكر وحلف بطلاق زوجته وعتق عبده ما غصب منه شيئا، فأقام المدعي شاهدا واحدا وحلف مع شاهده، حكم على الغاصب بالغرم دون الطلاق والعتق، وأما القتل فإن كان يوجب مالا فإنه يثبت بالشاهد واليمين عمدا كان أو خطأ وإن كان عمدا يوجب القود فإن كان له شاهد واحد كان لوثا وكان له أن يحلف مع شاهده خمسين يمينا، فإذا حلف ثبت القتل، وعندنا يوجب القود وعند قوم يوجب الدية.
إذا رمى رجلا بسهم فأصابه ثم نفذ عنه فأصاب آخر فقتله فالثاني خطأ لأنه أخطأ في فعله وفي قصده، فعلى هذا يثبت بالشاهد مع اليمين لأنه يوجب المال فقط، وأما الأول فهو عمد محض لأنه عمد في فعله وقصده، فينظر فيه فإن كان قتلا يوجب المال مثل أن قتل ولده أو عبدا لغيره أو قتل مسلم كافرا أو قطع يده من نصف الساعد أو كانت الجناية جائفة يثبت باليمين مع الشاهد، لأنه لا يوجب إلا المال ويكون اليمين واحدة كساير الأموال، وإن كان قتلا يوجب القود فهو مدع لقتل العمد، ومعه شاهد واحد، والشاهد في الدم لوث يحلف من شاهده خمسين يمينا، ويجب القود عندنا، وعند قوم تجب الدية على ما بيناه.
إذا كان في يد رجل جارية وابنها فادعى عليه رجل فقال هذه الجارية أم ولدي، وهذا ولدي منها استولدتها في ملكي فهو حر الأصل ثابت النسب مني، فقد ادعى هذا الرجل في الجارية أمرين أحدهما أنها مملوكته، والثاني أنها أم ولده، وتعتق بموته، وادعى في ولدها أمرين أحدهما النسب، والثاني الحرية.
فأما الجارية فإذا أقام شاهدا واحدا حلف مع شاهده، وقضى له بالجارية لأن أم الولد مملوكته، بدليل أن له استخدامها والاستمتاع بها وإجارتها وتزويجها، وإذا قتلها قاتل كان له قيمتها، فإذا كانت مملوكة قضينا له بها باليمين مع الشاهد كالأمة القن فإذا حكمنا له بها حكمنا بأنها أم ولده تعتق بوفاته باعترافه بذلك لا بالشاهد واليمين، وذلك أنا حكمنا له بها ملكا ثم اعترف بذلك، فكان في ملكه فلهذا نفذ اعترافه فيه.