في بعض بالقيمة يجعل الحنطة والذرة سهما، والدخن والعدس سهما بالقيمة، قدمنا قول من طلب أن يقسم كل صنف على حدته، وأجبرنا الآخر عليها، لأن القسمة إفراز حق لإزالة الضرر، وذلك حاصل إذا قسم كل صنف على حدته، فأما إذا جعل الكل واحدا وقسم لم يحصل المقصود له في كل صنف من ملكه، وكان هذا بيع حنطة بشعير فلا يجبر عليه، فإن تراضيا به جاز لكن من يقول إن القسمة بيع يقول لا بد من التقابض قبل التفرق.
ومتى كان لهما ملك أقرحة كل قراح منفرد عن صاحبه ولكل واحد منهما طريق ينفرد به، فطلب أحدهما قسمة كل قراح على حدته، وقال الآخر لا بل بعضها في بعض كالقراح الواحد، قسمنا كل قراح على حدته ولم يقسم بعضها في بعض، سواء كان الجنس واحدا مثل أن كان الكل نخلا أو الكل كرما، أو أجناسا مختلفة الباب واحد وسواء كانت متجاورة أو متفرقة وكذلك الدور والمنازل.
هذا عندنا وعند جماعة، وقال بعضهم إن كانت متجاورة قسم بعضها في بعض، وإن كانت متفرقة كقولنا وقال قوم إن كان الجنس واحدا قسم بعضه في بعض، و إن كان أجناسا كقولنا، فإن تراضيا عليه جاز لأنه بمنزلة البيع.
وكل قسمة افتقرت إلى التراضي ابتداء فهل تفتقر إلى التراضي انتهاء أو هو بعد القرعة؟ قال بعضهم تفتقر، وقال غيره لا تفتقر، والأول أقوى، سواء كان فيها رد أو لا رد فيها.
هذا إذا كانت الأقرحة متفرقة فينفرد كل واحد منهما بطريق، فأما إن كان القراح واحدا وهو ما كان طريقه واحدا، فإنه يقسم بعضه في بعض وإن كثر و عظم واختلف أجناسه بالشجر وغيرها، لأنه ليس فيه أكثر من أن بعضه أعلى ثمنا وأجل قيمة من بعض.
وهذا الاختلاف لا يمنع الإجبار كالدار إذا كانت بينهما وبعضها أكثر قيمة من بعض وكذلك القرية تختلف قيمة أقرحتها وتقسم كلها كالقراح الواحد.